بائعو "النبي دانيال": "دمروا أكشاكنا وبعدين اعتذروا.. محصلتش في عهد الفساد"
" بقالي 15 سنة ببيع الكتب في الشارع ده من أيام ما كنت صغير عمري ما سمعت إن ده مخالف أو ان احنا ماعناش ترخيص".. كلمات مملوءة بالحسرة والذهول تحدث بها حازم أبو المجد، 31 سنة، صاحب أحد أكشاك بيع الكتب بالنبي دانيال، لـ"الوطن" بعد أن قامت قوات الأمن، بإزالة كشك بيع الكتب الخاص به ضمن عشرات الأكشاك الأخرى بشارع النبي دانيال.
يقول حازم، "فوجئت الساعة 3 فجرا بالناس تتصل بي وتقول تعالى الحق الكشك بتاعك الإزالة شالته، جيت بسرعة لقيت الكشك مدمر والكتب كلها مرمية على الأرض حتى ما فيش احترام لكتب دين أو كتب قرآن".
وأضاف، "الكشك ده بيصرف عليا أنا وأبويا وأخويا، يعني 3 بيوت مفتوحة منه ومعانا ترخيص منذ أكثر من 10 سنوات، حصلنا عليه من اللواء عبد السلام المحجوب، وقت أن كان محافظا للإسكندرية".
وتابع توجهنا صباح اليوم إلى شرطة المرافق ففوجئنا بردهم بكل بساطة" إحنا أسفين دي كانت غلطة"، مضيفا: "طيب أعمل ايه أنا دلوقتي الكشك ده بالكتب يساوي 10 الآف جنيه أجيبهم وأعوضهم تاني إزاي وعندي بيت مفتوح وأسرة وطفلة صغيرة محتاجة مصاريف، وفي الأخر يوقولولي دي غلطة بكل بساطة.
ونفى محمد عوض حجازي، 43 سنة، صاحب أحد الأكشاك، أن تكون الحكومة قد أرسلت لهم تحذيرا قبل 48 ساعة من الإزالة كما ينص القانون، مؤكدا أنه لم يكن يعلم بنية الإزالة وفوجئ مثله مثل باقي زملائه بلوردات الإزالة تدمر الأكشاك والكتب في الثالثة فجرا بعد أن نام الجميع وأغلق أكشاكه.
وقال لـ" الوطن" أبيع منذ 25 سنة في الشارع ده وعندي جمعية مشهرة، تهدف للحفاظ على التراث القديم وكان هذا الكشك أحد منافذ البيع الخاصة بها ويحتوي على كتب فن وأدب وسياسة وروايات وحتى قصص للأطفال.
وأضاف: "مافيش واحد في إسكندرية ما عداش على شارع النبي دانيال إلا واشترى كتب من هنا من طالب المدرسة لطالب الجامعة للأطفال".
وأشار إلى أنه قام بتحرير محضر صباح اليوم برقم 4092 لسنة 2012 إداري العطارين ضد رئيس الحي ومديرية اشغال الطرق ومحافظة الإسكندرية، مؤكدا أن قيمة الكتب التي تم تدميرها بلغت 20 ألف جنيه، بالإضافة إلى ثمن الكشك والذي يصل إلى 7 آلاف جنيه.
ومن جانبه، قال الحاج حسين إبراهيم، 49 سنة، صاحب أحد الأكشاك، "اللي حصل ده عمره ما حصل في عصر الفساد يجي يعملوا كده في عصر الثورة ولولا تدخل الأهالي كان زمان باقي الأكشاك كلها على الأرض دلوقتي".
وقال "إحنا من حسن حظنا إن الأكشاك بتاعتنا في أخر الشارع الأكشاك اللي في الأول بس هي اللي انكسرت بس إحنا عقبال ما دخلوا عندنا كان الأهالي صحوا ونزلوا ووقفوا أدام اللوردات وقالوا للحكومة ان الأكشاك دي مرخصة"، فما كان من حملة الإزالة إلا أن اعتذرت وتركت أكشاكنا ورحلت بعد أن دمرت عشرات الأكشاك بمدخل الشارع.
وأضاف الشارع زاخر بالمكتبات والكتب التراثية من فلسفة وأدب وتاريخ ويعد من أشهر شوارع الكتب في الإسكندرية وفي مصر كلها" يبقى إزاي يحصل كده أنا مش عارف".
الجدير بالذكر أن شارع النبي دانيال يعد من أهم شوارع بيع الكتب بالإسكندرية منذ عشرات السنين ويلجأ إليه الطلبة والمثقفين وأهل الفن والسياسة لشراء الكتب التاريخية والنادرة، فضلا عن كونه يمتاز بأسعاره الزهيدة التي تناسب الجميع لذلك فهو ملجأ للطلبة وأولياء الأمور حيث يقصدونه لشراء الكتب الخارجية وكتب المدرسة بأسعار مخفضة.