بروفايل | محمود عزب دينامو بيت العائلة
فرغ لتوه من احتفال دار الإفتاء المصرية لرؤية هلال شهر رمضان، وعاد إلى بيته مستريح البال هادئ النفس مطمئن القلب مستقبلاً نفحات شهر القرآن بذكر الله والصلاة على النبى، تناول السحور ثم نوى صيام أول يوم من رمضان، ثم توقف اللسان عن الكلام فجأة وتوقف القلب عن النبض وصعدت الروح إلى بارئها فى ساعات مباركة، بعد دقائق قليلة تم الإعلان عن وفاة الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر للحوار ومنسق بيت العائلة. استقبل الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب خبر وفاة عزب فى مكتبه بالدموع الحارة قائلاً فى صوت حزين «إنا لله وإنا إليه راجعون، فاز الدكتور عزب بنفحات رمضان ولبى نداء ربه وهو صائم فى أول أيام الرحمة».
الدكتور محمود عزب أحد رجال الأزهر الشريف الذين أخذوا على عاتقهم حتى آخر نفس من حياته مهمة الحفاظ على النسيج الوطنى وتعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء مصر من المسلمين والمسيحيين، وساهم فى إعادة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان بعد قطيعة طويلة بعد تعديل بنود الاتفاقية المبرمة بين الجانبين.
ساهم عزب فى تأسيس مبادرة «بيت العائلة» فى ٢٠١٠ كما ترأس أول مركز للحوار فى عهد الدكتور أحمد الطيب، وكان من المقرر سفره إلى دولة تشاد أمس بعد تكليف الإمام الأكبر له لتعزيز دور الأزهر ومكانته والإسهام فى حل مشكلات المسلمين.
ترك عزب ابن المنوفية عمله المرموق كأستاذ للحضارات الشرقية بجامعة السوربون الفرنسية ليلبى نداء الأزهر وخدمة المشيخة فى عصر الطيب، وأحدث طفرة غير مسبوقة فى رأب الصدع وإخماد الحرائق الطائفية، كما رفض أن يكون بيت العائلة مجرد علاج مسكن أو رد فعل لحالات الاحتقان الطائفى، وكان شعلة نشاط تتقد لمجابهة كل الأزمات، لدرجة أن الرموز الدينية من الأزهر والكنيسة لقبوه بـ«دينامو بيت العائلة»، بعد وفاته نعته الكنائس الثلاث ووصفته بالصديق المستنير والوطنى المخلص وحلقة الوصل بين الأزهر والكنيسة.
استطاع عزب أن يؤسس لعلاقات إسلامية مسيحية دولية تقوم على رؤية جديدة ونطاق أرحب، واجتاز فى حكمة وكرامة الأزمة التى سببتها بعض مواقف النظامين السابقين، وقاد فى علم وإخلاص حوار الأديان والحضارات عن الجانب المصرى فى روما وباريس وميونخ ومراكز دولية أخرى. وكان الراحل أديباً وشاعراً، وقد أبدع فى المجال الوطنى، وترك نصوصاً ستبقى بعده طويلاً كما ستبقى جهوده العملية التى نهض بها فى خدمة مصر والأزهر والإسلام.
فى كل زيارات الراحل لدول حوض النيل كان يطالب الدولة بإصلاح ما أفسدته الأنظمة السابقة، ويدعو إلى ضرورة اهتمام الدولة بمناحى التنمية فى تلك البلدان الأفريقية، والعناية ببعثات الأزهر هنا وهناك لأنها امتداد للأمن القومى المصرى.