كوبرى «بلقس».. «الشحاتة خير من المشى البطال»
صار جمع الخردة و«الشحاتة» مهنتهم التى يتخذونها وتوارثوها أباً عن جد، ويعترفون بها برضا، دون مواراة، بل يتعمدون تأهيل أبنائهم منذ المهد، ليعرفوا طريق «الشحاتة» وأساليبها، بعيداً عن تعليمهم احتراف صنعة محددة، فـ«الشحاتة» المهنة الأثيرة لهم، التى كانت الكبارى مقراً لها.. «الوطن» ذهبت إليهم، حيث يقبعون على الحدود الشرقية لمحافظة القاهرة، لترصد تحركاتهم ومعيشتهم.
فى منطقة منعزلة على طريق القاهرة - بلبيس الزراعى، أقاموا مساكنهم من خيام بالية أسفل كوبرى بلقس، أصلهم من الغجر موطنهم الأصلى محافظة الإسماعيلية، لكنهم يرتحلون 7 شهور فى العام من أجل ممارسة مهنة «الشحاتة» فى المناطق الشعبية داخل القاهرة الكبرى التى يقبعون على حدودها الشرقية، استقروا أسفل الكوبرى منذ عام 1995 حيث الزيارة الأولى لهم إلى القاهرة، عددهم 40 فردا مقسمين إلى 10 أسر يقيمون فى خمس خيام بالتناوب، خمس أسر يغادرون إلى موطنهم بالإسماعيلية وبقية الأسر يرتحلون إلى القاهرة، كل أسرة تتكون من الأب والأم والأبناء تقيم فى خيمة، وإذا تجاوز عددهم الخيام لأى ظرف خاصة وقت المواسم تنام السيدات مع الأبناء معاً فى خيمة، والرجال فى خيمة أخرى. نظافة المكان لا تعنيهم. الخيام مقر نومهم، يقبع أمامها الحيوانات والطيور، التى يربونها، وتعينهم على العيش، وتساعد أبناءهم على اللهو وسطهم، بأجساد عارية، تصادق الذباب.
يبدأ يومهم -كما تقول سعاد ذات الـ25 عاماً- بأنها تخرج مع أبنائها الخمسة، بحثاً عن الرزق، موضحة أماكن رزقها: الوايلى وشبرا الخيمة وباب الشعرية والمطرية والمرج.. كل يومين يذهبون إلى منطقة من تلك المناطق، «ربنا بيكرمنا كويس فى المناطق دى».
بينما توضح خيرية، أحد المقيمين تحت الكوبرى، اختيار هذه المناطق لسببين، الأول أنها المناطق الشعبية الأكثر قربا من مكان إقامتهم، والسبب الثانى أن سكان هذه المناطق «إيدهم فرطة»، على عكس مناطق الأغنياء التى يتعاملون معهم بـ«قرف»، مؤكدة أنهم لايستطيعون «الشحاتة» فى بلدتهم الإسماعيلية، لأنهم «بيبصوا لنا بصة وحشة»، بينما فى القاهرة لا يعرفهم أحد، لكن رضا رمضان أحد أهالى بلقس يؤكد أن هؤلاء الشحاذين أغنياء ولهم عمارات فى الإسماعيلية ولذلك لا يعملون هناك؛ لأن الناس يعرفون أنهم أغنياء ولن يعطوهم شيئاً.
لكن سامى النجار، سائق توك توك، يحكى أنه عمل مع الشحاذين فترة، لكنه تركهم عندما عرف بطبيعة عملهم، فكانت تخرج معه كل يوم سيدتان، تنزل سيدة وتنتظرها الأخرى فى التوك توك، كانت المفاجأة أن الأولى تنزل تسرق المارة فى الأسواق وإذا اكتشف أمرها تتصل بالثانية التى تطلب من سائق التوك توك التحرك نحوها وكان نصيبه فى أربع ساعات: 200 جنيه.
لهذه المناطق زعيم، تسمع كلمته، وعم سيد الرجل الستينى الأكبر عمراً بين المقيمين تحت الكوبرى، يمثل صاحب الكلمة العليا بينهم، يقول إنهم ينتقلون بين مختلف البلدان، ولذا اختاروا مقر سكنهم أسفل الكبارى، ويتحدث عن الأزمة التى تكمن فى استحالة دخول الأبناء المدارس أو الكُتاب، «هما راس مالنا اللى بنشتغل بيه»، يرفض اتهامهم بالسرقة، قائلاً إن «الشحاتة» أفضل من «المشى البطال». مشيراً إلى أن الثورة لم تغير شيئاً فى حياته، نافياً احتياجه للحكومة فى أى شىء.
أخبار متعلقة
مصر التى تحت الكبارى
محامٍ يبنى بيته أسفل كوبرى «سرياقوس».. وشعاره «إن خرب بيت أبوك خذ لك منه قالب»
كوبرى مسطرد: وكر البلطجية.. والمقاهى تقدم حجر الحشيش بـ6 جنيهات والبانجو بـ 4
كوبرى دائرى الخصوص: تعديات بالجملة.. ومكان على حافة الانفجار
كوبرى «بلقس».. «الشحاتة خير من المشى البطال»
كوبرى «أبوحشيش» نموذج للتعديات وفساد المحليات
كوبرى «غمرة» شاهد على مأساة «بولا» منذ 7 سنوات