لـ«فرقة ناجى عطا الله» و«حاحا وتفاحة».. ليست هذه هى الصومال
جلسا وسط مجموعة من الأصدقاء على مقهى جمعهم بجوار مدينة البعوث الإسلامية، كان الحديث عن تلك المدينة الفاضلة التى يستيقظ سكانها كل صباح لا يحملون همّاً لطعام أو شراب أو طابور للبنزين أو حتى طابور للخبز، يتكلمون عن دولة يجد المصرى فيها أخيرا كرامته بدلا من تلك الضائعة فى وطنه فردد أصدقاؤه المشدوهون من حوله: «إحنا عايزين نسافر الصومال».
«الصومال جنة الله فى أرضه» كما يصفها ابناها «آدم وعبدالقادر» وهما شابان لفحت الشمس جبهتيهما وأعطتهما لونا أسمر جذابا حين تراهما وهما يحكيان حكايات وطنهما، لا تتصور أنه ذاته الوطن الذى تقرأ عنه فى الصحف وترى صور مآسيه على شاشات التلفزة وتطالعنا الإنترنت بصور من أرض الواقع الذى كان «صرحا من خيال فهوى».
صورة تطالعك حين تفتح صفحتك على «فيس بوك» لطائر العقاب ينتظر طفلا شارف على الموت وهو يصارع الجوع «الصورة التى انتحر صاحبها».. هذه الصورة المأساوية يضحك «آدم» الذى يتذكرها فيكمل حديثه بلغة عربية فصيحة: «الأمريكان عرفوا يضحكوا على العالم ويفهموه إن الصومال بلد يعانى المجاعة والمعونات كلها موجودة فى مخازن المطار».. وعن هذه الصور التى وضعت على «فيس بوك» وغيره فهى ليست فى الصومال بل هى قد التقطت فى جنوب السودان أو فى الكونغو «يروجون لها على أنها فى الصومال وأغلبها صور قديمة ومفبركة ولكن لا أحد يعلم».
«كيلو اللحم بنصف جنيه مصرى، والفاكهة شيل اللى تقدر عليه».. مغريات عديدة يراها أصدقاء آدم وعبدالقادر من المصريين فى البلد الجديد «المرتبات هناك تبدأ بـ1500 دولار للمغتربين وتستطيع أن تحيا حياة كريمة هناك بمائتى دولار» يواصل عبدالقادر حكيه عن موطنه الأسمر المسلم الذى يخلو من أى ديانة أخرى «فيلا دورين بحمام سباحة لن تكلفك أكثر من مائة دولار».
«لا كرامة لنبى فى وطنه».. تلك هى الحكمة التى رددها أصدقاء آدم وعبدالقادر من المصريين بعد أن واصلوا وصفهم لوطنهم «المغدور إعلاميا»، على حد قولهم: «المصريون فى الصومال معززون مكرمون أكثر من أبناء الصومال، وفى وقت الحرب فى الصومال كان لكل مصرى حراسة خاصة».
نتيجة الانتخابات الأخيرة التى أفرزت حكما إخوانيا لأول مرة فى الصومال يعقب حكما سلفيا «السلفيون قبل أن يصلوا إلى الحكم كانوا متشددين جدا وكانوا يمنعون الغناء وخروج المرأة من البيت، لكن حين جاءت نتيجة الانتخابات لصالحهم تغير الحال وصاروا أكثر مرونة نزولا على رغبة الأمريكان».
المشهد الذى ختم به عادل إمام مسلسله «فرقة ناجى عطا الله» حين رمى حفنة من الدولارات لطفل صومالى فما كان منه إلا أن نظر إليها وهو لا يعرفها وأشار إليه بأن يعطيه طعاما، هذا المشهد يتذكره آدم وهو يضحك «إحنا معظمنا فى الصومال نميل إلى السمنة وليس لدينا صحراء بهذا الشكل فمعظم أراضينا من كثرة خصوبتها تنبت بماء الأمطار والحياة لدينا أكثر رفاهية من الحياة فى مصر وفى دول عربية عدة».