أطفال «57357» يزورون موقع حفر قناة السويس ووالدة أحدهم: «ابنى واللى فى سنه هيستفيدوا منها»
بلباس أبيض يتوسطه شعار الجيش المصرى، ووجوه تملؤها براءة الصغار، وابتسامات تطغى على آلام المرض اللعين، تجمّع العشرات من المصابين بمرض السرطان فى رحاب الصرح الطبى ذى النشأة المميزة، برفقة زملائهم الذين خضعوا لرحلة علاج طويلة داخل أروقة مستشفى سرطان الأطفال «57357»، تكللت بالشفاء من المرض الخبيث، انتظاراً لقدوم الباصات التى تنقلهم إلى موقع قناة السويس الجديدة بمحافظة الإسماعيلية. 15 عاماً هى عمر أول مشروع قومى مصرى تخصص فى علاج سرطانات الأطفال، بُنى بتبرعات المصريين، فى نهاية التسعينيات من القرن الماضى، تفصل بينه وبين مشروع حفر القناة الجديدة، أنشئ المشروعان القوميان من خلال حملة دعائية كبيرة، الأولى فى نهاية التسعينات من القرن الماضى، والأخرى منتصف العام الحالى.
مع اقتراب عقارب الساعة من التاسعة، وشمس الصباح المائلة تعكس أشعتها الهادئة على وجوه الأطفال، بدأت الباصات التسعة فى التحرك من أمام مبنى المستشفى بسور مجرى العيون بالسيدة زينب، لتشق طريقها فى اتجاه الإسماعيلية.
البدايات والتمويل والنشأة، ثلاثة أمور متشابهات بين بناء مستشفى سرطان الأطفال وحفر القناة، فتحت شعار «تبرع ولو بجنيه.. تبرع باللى تقدر عليه» بدأت حملة التبرعات لبناء مستشفى السرطان عام 1999، بينما حفر القناة شارك فيه المصريون بشراء شهادات استثمار، تحت شعار «تحيا مصر»، هكذا دار الحوار داخل أحد الأوتوبيسات على مدار الثلاث ساعات التى استغرقتها الرحلة للوصول إلى موقع حفر القناة فى الضفة الثانية من القناة القديمة.
محمود سعد، أحد أطفال المستشفى، تغيب عن مدرسته من أجل زيارة موقع حفر القناة، يعبّر طالب الصف الثالث الابتدائى عن سعادته بابتسامته الخفيفة: «رحلتى مع المستشفى أنا بحبها أوى»، والسبب كما يقول «لأنه أنقذ حياتى من الموت».. والدة محمود، التى ترافقه فى الرحلة، تؤكد أن مرافقتها لابنها منذ مرضه كانت بسبب حرصها على سلامته، بينما هذه هى الرحلة التى تُعتبر الأولى لها لموقع الحفر، وكانت تتمنى المشاركة فيها لرؤية ما يحدث على أرض الواقع، فجميع معلوماتها عن المشروع تعرفها فقط عبر وسائل الإعلام المختلفة من داخل منزلها فى منطقة الزاوية الحمراء.
تستمر المقارنات بين ركاب الباص، أثناء حديث مصطفى عبدالناصر، أحد أعضاء الفريق الإعلامى، عن قصة مستشفى سرطان الأطفال، وتحديداً عندما تحدث عن الاتهامات التى بدأ البعض يوجهها للمسئولين عن بناء المستشفى بسبب تأخر الانتهاء من أعمال البناء فى عامى «2004، 2005»، ليلتقط الحديث أحد الركاب: «ده اللى بيحصل دلوقتى من الناس اللى بتهاجم المشروع رغم أنه لم يحدث تأخير حتى الآن».
الإخصائى النفسى المرافق للأطفال، مصطفى الكورى، أكد أن اختيار الأطفال للمشاركة فى الرحلة جاء بناءً على رغبته وموافقة ذويهم، موضحاً أن بعضهم تعافى من المرض، والبعض الآخر أنهى علاجه الكيميائى بنجاح، ويتردد على المستشفى من أجل المتابعة فقط. «المستشفى يعالج الأجيال التى ستبنى مصر فى المستقبل، وقناة السويس لهذه الأجيال المقبلة»، هكذا توجهت فتحية عبدالستار، والدة أحد الأطفال، بحديثها للدكتور شريف أبوالنجا، مدير المستشفى، موضحة أن المستشفى عالج ابنها من المرض الخبيث، و«القناة اللى إحنا مش عارفين قيمتها دلوقتى، هوّ واللى فى سنّه اللى هيستفيدوا منها».
وفد مستشفى السرطان، الذى ضم ممثلاً عن الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذكسية وعدداً من أبطال حرب 6 أكتوبر، كان فى استقباله اللواء محمد فرج الشحات، قائد الجيش الثانى الميدانى، ومساعده اللواء عادل الغضبان الذى قدم شرحاً مبسطاً لتوضيح فكرة المشروع وما تم تحقيقه من إنجاز على أرض الواقع للأطفال.
بعدها تحرك الوفد إلى «زيارة النصب التذكارى للجندى المجهول» الخاص بجنود الجيش الثانى، واختتمت الرحلة بزيارة لموقع تبة الشجرة، الموقع الحصين الذى كانت إسرائيل تدير من خلاله العمليات العسكرية فى سيناء، وقام اللواء مجدى طلبة، بطل موقعة تبة الشجرة، بتقديم شرح لعملية تحرير التبة من جنود جيش الاحتلال.