مؤتمر دولى فى لبنان: أمريكا وإسرائيل وقطر وتركيا وراء أزمة «سد النهضة»
أوصى عدد من المسئولين والخبراء الدوليين المتخصصين فى المياه بضرورة توحيد الرؤى بين مصر والسودان للعبور من أزمة سد النهضة الإثيوبى والبعد عن الخلافات، لافتين إلى أن ما يدبر لمصر من أزمات خاصة بالمياه تتدخل فيه قوى خارجية وإقليمية من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وقطر وإيران.
وقال الدكتور هانى رسلان، رئيس وحدة السودان بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية خلال مؤتمر «حوض النيل تعاون أم تصادم» الذى نظمته الجامعة اللبنانية ببيروت، واختتم أعماله مساء أمس الأول، إنه مندهش من دفاع النظام السودانى عن إثيوبيا ومشروع سد النهضة، مضيفاً أن «إثيوبيا تمارس الخداع والمناورة وهى المحرك الاستراتيجى لاتفاقية عنتيبى التى تهدد حصص البلدين من مياه النيل ويرفض البلدان التوقيع عليها، فى الوقت الذى تمارس فيه أديس أبابا ضغوطاً على دول الحوض من أجل التصديق على الاتفاقية».
وأشار «رسلان» إلى أن سد النهضة هو أكبر دليل على الانتهازية السياسية من قبل النظام الإثيوبى، حيث تم وضع حجر الأساس له فى أبريل ٢٠١١، وبعد شهرين فقط من قيام ثورة 25 يناير، استغلالاً لحالة الارتباك الداخلى، حيث صدر تكليف فى كلمات محدودة من رئيس الوزراء الإثيوبى وقتها «ميليس زيناوى» لشركة «سالينى» الإيطالية بإنشاء أكبر سد، وهو ما أكده تقرير اللجنة الثلاثية الدولية الصادر العام الماضى، الذى أوضح أن السد يفتقد الدراسات الأولية والفنية.
وأوضح أن أديس أبابا تحاول من خلال جولة المفاوضات الحالية كسب المزيد من الوقت حتى الانتهاء من المشروع، لتتعامل عندها مصر بسياسة الأمر الواقع، لأنها تتصرف مع النيل الأزرق وكأنه شأن إثيوبى ضمن منظومة الهيمنة الإثيوبية على المياه بالمنطقة. ولفت إلى أن الحكومة الإثيوبية تقود حالياً حملة منظمة لكراهية مصر وشعبها، باعتبارهم عدواً للتنمية، بغرض جمع أموال لبناء السد وتوحيد القوميات والعرقيات المعارضة خلف الحكومة، مؤكداً أن من يقف وراء ذلك كله هى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وقطر وتركيا، مشيراً إلى أن مصر والسودان ليس أمامهما إلا التعاون والتكامل من أجل الوقوف أمام الأخطار التى تهدد البلدين بمنطق «لا ضرر ولا ضرار».
من جانبه، قال الدكتور مغاورى شحاتة، الخبير الدولى فى المياه، إن إسرائيل هى من تشكل كل الهياكل الرئيسية لدولة جنوب السودان، وليست مصر كما تدعى دولة السودان دائماً، ويصرح المسئولون والسياسيون بها بأن القاهرة هى التى كانت سبباً فى انفصال الجنوب عن الشمال. وأضاف أن مصر مضطرة للتعامل مع الجنوب لتأمين احتياجات الخرطوم والقاهرة من مياه النيل بعد شروع إثيوبيا فى بناء سد النهضة، لافتاً إلى أن مصر متمسكة باتفاقية عام ١٩٥٩ التى تقسم المياه بين البلدين لأنها تحمى مصالحهما، مطالباً البلدين بالعودة مرة أخرى للتعاون وتوحيد الصف أثناء عقد اجتماعات اللجنة الوطنية المشكّلة لحل أزمة السد فى الوقت الحالى وتضم مصر والسودان وإثيوبيا.
وأشار «شحاتة»، خلال المؤتمر، إلى اعتراف الدكتور سيف حمد، مسئول ملف التفاوض بالسودان بانعدام الجدوى الاقتصادية لسد النهضة، مشيراً إلى أن الخزان الذى تبلغ سعته التخزينية ٧٤ مليار متر مكعب «مريب» ويثير الكثير من الشبهات، مؤكداً أن الهدف الإثيوبى من وراء إنشاء السد أن تختنق مصر مائياً، لأن الخطة التى اعتمدها مكتب الاستصلاح الأمريكى عام ١٩٦٤ رداً على بناء السد العالى تقوم على تخزين ٢٠٠ مليار متر مكعب وإفشال مشروع السد العالى الذى ستتوقف توربيناته فى العام الرابع بعد بدء عملية تخزين بحيرة السد الإثيوبى.
فيما زعم الدكتور سيف حمد، رئيس الوفد السودانى فى مفاوضات سد النهضة، ووزير الرى السودانى الأسبق، أن «القاهرة هى من تدعم دولة جنوب السودان وليست الولايات المتحدة الأمريكية كما يتم تداوله إعلامياً، ما جعل القاهرة تبحث عن تنفيذ مشروعات مائية لدى حكومة جوبا».
وأضاف «حمد» فى كلمته أمام المؤتمر الدولى لمياه النيل ببيروت أن «مصر ليس لديها خبرات فى مجال السدود، وأن بلاده أكثر خبرة فى هذا المجال، بدليل أنها أنشأت 4 سدود خلال 20 عاماً»، فيما ردّ الدكتور علاء ياسين، مستشار وزير الرى للسدود ومياه النيل على المسئول السودانى بأن «خبرات مصر فى إنشاء السدود تعلمها الدول العربية والعالم، وأن الجانب السودانى لم يقدم أى دراسات حول سد النهضة، بينما قدمت مصر دراساتها الفنية حول المشروع».
من جهته، قال الدكتور محمد سلمان طايع، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن إسرائيل تسعى من وراء وجودها فى حوض النيل للضغط على مصر وتضييق الخناق عليها، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وقطر وإيران توجد فى حوض النيل رغم عدم أهميته السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، لكن بهدف التحكم فى القرار المصرى من خلال المياه. ولفت إلى أن السودان مهدد بالتقسيم إلى 4 دويلات، منها واحدة انسلخت، وفى الطريق ستنسلخ دارفور وكردفان، مطالباً السودان بتوحيد الصف مع مصر.