أبحاث أوروبية تؤكد العلاقة بين انتشار الفيروس وزيادة تشوه المواليد
«البرازيل» تضع خطة صحية لمواجهة انتشار فيروس «زيكا» مع بداية الأولمبياد
بعد أن أصبح انتشار فيروس زيكا، المتسبب فى تشوه المواليد، أمراً واقعاً فى الأمريكتين، ومع تزامن انتشار الفيروس وبدء دورة الألعاب الأولمبية فى العاصمة البرازيلية «ريو دى جانيرو»، إحدى أكثر المناطق المصابة بالفيروس، قررت اللجنة الأولمبية الأمريكية التعاقد مع اثنين من خبراء الأمراض المعدية بهدف تقديم النصح والمشورة لأعضاء البعثة الأمريكية المتوقع سفرهم إلى دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقبلة التى ستقام فى الصيف المقبل فيما يتعلق بمخاطر فيروس زيكا.
أمريكا تستعين بخبراء فى الأمراض المعدية قبل الأولمبياد.. ومنظمة الصحة العالمية تحث النساء على ممارسة الجنس الآمن وتجنب البعوض
ومن جانبه، بعث الرئيس التنفيذى للجنة الأولمبية الأمريكية سكوت بلاكمان، برسائل للأشخاص الذين يتوقع سفرهم إلى الأولمبياد المقبل قائلاً «أعرف أن تفشى فيروس زيكا فى البرازيل يسبب قلقاً للكثيرين منكم»، وأضاف المسئول الأمريكى: «أود أن أؤكد أن هذا يمثل قلقاً بالنسبة لنا أيضاً كما أن سلامتكم وصحتكم على رأس أولوياتنا»، وتابع «بلاكمان»: «نحن على اتصال وثيق مع المركز الأمريكى للوقاية ومكافحة الأمراض ومع خبراء الأمراض المعدية الذين لهم خبرة بفيروس زيكا».
ويعد مصدر القلق الأساسى من تزامن انتشار الفيروس ودورة الألعاب الأوليبية هو أن البرازيل تتأثر أكثر من غيرها نتيجة تفشى الفيروس فى الأمريكيتين، ويبذل الباحثون فى العالم وفى البرازيل جهوداً محمومة لتأكيد أن انتشار الفيروس فى البلاد مرتبط بارتفاع ملحوظ فى تشوهات المواليد بعد تسجيل أربعة آلاف حالة اشتباه فى هذه التشوهات حتى الآن بالبرازيل، وشخصت البرازيل أكثر من 400 حالة مماثلة وأكدت وجود الفيروس فى 17 طفلاً لكنها لم تجزم بالعلاقة بين الفيروس وهذه التشوهات بصفة قاطعة حتى الآن.
وبالتوازى مع قرارات اللجنة الأولمبية الأمريكية، قال رئيس اللجنة الأولمبية الكينية، كيبتشوجى كينو، الثلاثاء الماضى، إن بلاده قد تنسحب من أولمبياد «ريو دى جانيرو» بالبرازيل فى أغسطس المقبل بسبب مخاوف من تفشى فيروس زيكا. وقال «كينو» لوكالة أنباء «رويترز» البريطانية: «بالطبع لن نجازف باصطحاب متسابقى كينيا هناك إذا وصل فيروس زيكا لمعدلات وبائية»، وتملك كينيا بعض أفضل عدائى المسافات المتوسطة والطويلة فى العالم وتصدرت جدول ميداليات بطولة العالم لألعاب القوى العام الماضى.
وتوضح هذه الخطوات أن المسئولين فى اللجان الأولمبية للدول المشاركة فى الأولمبياد يتعاملون مع خطر زيكا بشكل جاد، وهو ما يشير إلى أن بعض الرياضيين قد يواجهون صعوبة فى اتخاذ قرار المشاركة فى «ريو دى جانيرو»، حيث إنه من بين العقبات الرئيسية التى تفسد جهود قياس مدى شدة تفشى العدوى الفيروسية زيكا والاشتباه فى صلتها بحالات تشوه المواليد بالبرازيل دقة تقنيات تشخيص الفيروس التى لا تزال تقتصر حتى الآن على فحص الدم.
وتشير توقعات البرازيل إلى إصابة ما يصل إلى 1.5 مليون شخص بالفيروس فى البلاد، وتقول منظمة الصحة العالمية إن الفيروس قد يصيب 4 ملايين شخص فى الأمريكتين فيما انتقل الفيروس من البرازيل إلى 30 دولة على الأقل.
كما أن الأمور أصبحت أكثر تعقيداً فى الفترة الأخيرة بسبب بدء ظهور حالات إصابة بالفيروس الخطير خارج الأمريكتين، حيث ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا»، أن الصين أكدت اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس زيكا، مما تسبب فى حالة من القلق على الصعيد الدولى، وأوضحت الصين أن الحالة المصابة بالفيروس هو رجل كان قد سافر فى الآونة الأخيرة إلى أمريكا الجنوبية، مشيرة إلى أنه بالرغم من أن السلطات الصحية الصينية قللت من مخاطر انتشار المرض، الذى ينقله البعوض بسبب برودة الجو فى فصل الشتاء، فإن هناك مخاطر محتملة من انتشار الفيروس محلياً إذا وصل إلى هونج كونج.
وفى سياق مشابه، أعلنت أستراليا الأسبوع الماضى تسجيل ثالث حالة إصابة للفيروس زيكا، وهى لامرأة حامل فى ولاية «كوينزلاند»، ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» عن مسئولى الصحة قولهم إنه تم تشخيص الحالة عقب عودة هذه السيدة من رحلة بالخارج لم يحددوا مكانها، وذلك بعد أن أعلنت أستراليا فى وقت سابق من هذا الشهر تسجيل حالتى إصابة بالفيروس.
وكشف الباحثون، نهاية الأسبوع الماضى، النقاب عن أدلة جديدة تؤكد العلاقة بين انتشار فيروس زيكا وزيادة حالات تشوه المواليد، وأشاروا إلى رصد الفيروس فى مخ جنين بعد إجهاض امرأة أوروبية حملت أثناء وجودها بالبرازيل.
وقال باحثون فى سلوفينيا بالمركز الطبى الجامعى فى لوبليانا فى دورية نيوإنجلاند الطبية إن تشريح الجنين أوضح صغر حجم الرأس علاوة على تلف شديد فى المخ ومستويات عالية من فيروس زيكا فى أنسجة المخ مثل تلك الموجودة فى عينات الدم، كما قال باحثون من كلية هارفارد للصحة العامة وفى مستشفى ماساتشوسيتس العام فى بوسطن فى افتتاحية تضمنتها الورقة البحثية إن هذا الاكتشاف يساعد فى «تأكيد الارتباط البيولوجى» بين عدوى زيكا الفيروسية وصغر حجم الرأس.
وبدورها، قالت تاتيانا أفيسيتش زوبانتش التى أشرفت على الباحثين فى سلوفينيا فى رسالة لوكالة «رويترز» البريطانية، إن ما توصلت إليه «يطرح أقوى دليل حتى الآن» على الارتباط بين الفيروس وتشوهات الأجنة أثناء الحمل، وأن الأمر يكون ناجماً عن تكاثر الفيروس فى المخ، إلا أنها قالت إن الأمر يتطلب مزيداً من الدراسات لتأكيد العلاقة بينهما بصفة نهائية.
وأشارت الأبحاث الأوروبية إلى أن المرأة الأوروبية ظهرت عليها أعراض العدوى بفيروس زيكا، الذى ينتقل عن طريق البعوض ولا يوجد له علاج أو لقاح حتى الآن، فى الأسبوع الـ13 من الحمل لكن نتائج الأشعة بالموجات فوق الصوتية خلال الأسابيع من 14 إلى 20 كانت طبيعية.
وبالرغم من إعلان منظمة الصحة العالمية أن عدوى زيكا الفيروسية تمثل حالة طوارئ دولية تحدق بالصحة العامة بسبب الاشتباه فى ارتباطها بآلاف من حالات تشوه الأجنة، فإن المنظمة لم تفرض قيوداً تتعلق بالانتقالات، وأسدت بدلاً من ذلك نصائح إلى النساء باستشارة الطبيب أو السلطات فى حالات السفر.
وقالت المنظمة: «ستنجب معظم النساء أطفالاً طبيعيين أصحاء بالمناطق المتضررة من فيروس زيكا علماً بأن إجراء أشعة بالموجات فوق الصوتية لا تتوقع بصورة قاطعة وجود حالات تشوهات الأجنة إلا فى الحالات الشديدة»، وأضافت: «على النسوة الراغبات فى إنهاء الحمل بسبب الخوف من ولادة أطفال يعانون من صغر حجم الرأس اللجوء إلى خدمات الإجهاض الآمنة وفقاً لمقتضيات القانون».
وقالت المنظمة العالمية إنه حتى نتعرف على المزيد فإنه يتعين على الرجال والسيدات الذين يعيشون فى مناطق انتشار الفيروس أو العائدين من هذه المناطق خاصة الحوامل الاستشارة بشأن المخاطر المحتملة للاتصال الجنسى مع اتباع الممارسات الجنسية الآمنة، منها استخدام الواقى الذكرى باستمرار وبطريقة آمنة بوصفه واحداً من أكثر أساليب الوقاية فاعلية ضد جميع أنواع العدوى التى تنتقل عن طريق الجنس.
إجراءات احترازية لمواجهة زحف «زيكا» فى دول العالم «أ. ف. ب»