«الوطن» تعيد نشر رسالة كتبها الناشط من داخل «طرة» فى 2012
قبل عام كامل، كتب أحمد دومة لـ«الوطن» من محبسه بسجن طرة فى أبريل 2012 عن 87 يوماً قضاها محبوساً على ذمة قضية أحداث مجلس الوزراء، وتحدث فيها عن ذكريات الانفصال عن تنظيم الإخوان، وأوضاعه داخل السجن ونظرات الضباط لـ«الثورة الخائبة» بحسب تعبيرهم، وعن بلاغ من مجهول زج به داخل السجن فى سيناريو مشابه للقضية الحالية، بلاغ لمواطن تضرر من إهانة الرئيس محمد مرسى، فوضع دومة مجدداً فى قبضة السلطة.. «الوطن» تعيد نشر رسالة دومة، ما دام التاريخ يكرر نفسه.
ربما شعور سماع خبر الإفراج ومغادرة سجون السلطة، ليس بالأمر الجديد، فالأمر تكرر معى 16 مناسبة سابقة وها أنا فى انتظاره؛ بدءاً من عام 2000 حينما طاردتنى قوات الأمن المركزى وأنا فى سن الـ11 بمدينتى الصغيرة «أبوالمطامير» فى البحيرة؛ عقاباً لهتافى لـ«جماعة الإخوان» أثناء الانتخابات البرلمانية واحتجازى بمقر أمن الدولة لعدة ساعات حتى جاء والدى، ساعات تولد فيها شعور، لا أجد كلمات لوصفه؛ أقرب للنشوة الممزوجة بنسائم الحرية والتى أصر ألا أفقدها رغم الخيانات والإحباطات.
87 يوماً ما بين سجنى طرة وطنطا، ساعدتنى كثيراً لشحن الحالة الثورية وترتيب الأوراق مجدداً، رغم صعوبة أن تجد نفسك بعد ثورة من المفترض أنها قامت، محبوس داخل زنزانة «متر × متر» باتهامات ملفقة، فى الوقت الذى ينهش أعداء الثورة بكل حرية فى جسدها دون محاسبة، ورغم قسوة الشعور، ومنذ اللحظة الأولى داخل طرة، تأكدت أننا على الطريق الصحيح وأن الثورة أمامها طريق طويل للغاية حتى تحقق النصر.
رحلة التنكيل والتضييق بدأت منذ أن وطئت قدماى بوابة سجن طرة؛ فلا مانع من حفل استقبال أو «التشريفة» من المخبرين وأمناء الشرطة برعاية ضباط السجن وتعليمات الوزارة، تنوع فيها «الاحتفال» بين السبّ واللكم على أجزاء الجسد، فظللت 10 أيام دون غطاء ولا فراش ولا شىء يحمينى من برد «طوبة». الزنزانة الانفرادية لا تُفتح سوى مرة يتيمة فى اليوم فى الثالثة والنصف مساءً لاستلام «التعيين» -الأكل فى لغة السجن- وهو عبارة عن 3 أرغفة من الخبز.
زنزانة طرة جعلتنى أسترجع ذكريات القضية؛ فأوراق «أحداث مجلس الوزراء»، تتحدث عن بلاغ من مجهول لا يستند إلى أدلة أو قرائن غير تصريحات تليفزيونية تم «تحويرها» لتظهر بشكل يروق للرأى العام؛ وكأن الثوار هم القتلة، وجدت نفسى على أثرها أمام قاضى التحقيقات بتهم عديدة لا أتذكر منها سوى الاعتداء على رجال الجيش والشرطة والمشاركة فى حرق المجمع العلمى، فكرت أيضاً فى الازدواجية؛ فكيف تقدم بلاغاً ضد جنرالات المجلس العسكرى تطالب بالتحقيق معهم للتورط فى «أحداث محمد محمود» و«ماسيبرو» ليظل البلاغ فى درج «عبدالمجيد بيه محمود» حتى الآن.
تطورت القضية إلى المساومة المباشرة من قاضى التحقيقات لاتهام مجموعة من النشطاء بتلقى تمويلات من جهات أجنبيّة، مقابل إخلاء سبيلى؛ ولم أجد رداً أقوى من الضحك المتواصل وقولى «لو أفرجت عنى، أنا مش هجيلك تانى بإرادتى.. المرة الجاية يا على ضهرى مضروب بطلقة أو إيدى فى كلبش واحد مع المجلس العسكرى».
«سجن طنطا» جعل الذاكرة تحن للماضى القريب؛ «الإخوان» والصورة المثالية للجماعة التى كنت أحد أعضائها حتى 2008، وقرار فصلى بعد مشاركتى فى الدعوة -مع كثير من النشطاء - للإضراب وقتها، كنت منسقاً لحركة «غاضبون» أحد الكيانات الداعية للإضراب، وهاجمت «الإخوان» بسبب موقفهم من التحركات والكيانات الشبابيّة وبعدها حُقق معى داخل مكتب الإرشاد لهجومى المستمر على قياداتها والعمل بعيداً عن التنظيم.
وقتها، اتخذت قرارى بالخروج من «سجن الإخوان» ومواصلة التحليق فى سماء الحرية بعيداً عن حريتهم الزائفة وديمقراطيتهم المشوهة وعدالتهم الخرساء، المفارقة أن قرار فصلى جاء بمباركة أبى «سعد» المعدود على قيادات الجماعة بالبحيرة والمشرف على حفظى للقرآن الكريم كاملاً؛ لكن يا أبى العزيز، الحرية أغلى من الإخوان.
فى الطريق من «طنطا» إلى «طرة» مجدداً بعد انتهاء الامتحانات، راودتنى ذكريات «حرب غزة» 2008، والمشاركة كجندى فى كتائب «سرايا القدس» فى الحرب ضد إسرائيل، فى مغامرة استمرت 42 يوماً لن تسقط من ذاكرتى إلى الأبد، تذكرت رسائلى التى كتبتها على مدونتى ضد سياسات إعلام مبارك المشوهة للانتفاضة الفلسطينية وعوقبت بسببها -عند عودتى- بالسجن 15 شهراً فى السجن الحربى بتهمة الانتماء لتنظيم مسلح.
وقتها دونت جملة لا تستطيع أن تفارق ذهنى «يا شعب مصر.. لا تنسوا شرفاء الوطن فى سجون الطاغية مبارك: محمد عادل وعبدالعزيز مجاهد وبهاء فزاع وأيمن نور وخيرت الشاطر وإخوانه». نعم، «الشاطر» وأعضاء الجماعة الذين يصفوننا الآن بالفوضويين والبلطجية.
أحبار متعلقة:
أحمد دومة.. سجين «مرسى»حبيس العصور الثلاثة.. "مبارك والعسكرى والإخوان"
شهادة رفاق «الثورة»: الرجل الذى كشف صفقة «الإخوان والعسكرى»
«نورهان»: زوجى مخطوف.. والإخوان ينتقمون منه