بروفايل| الشهيد محمد هانى انتفاضة «الداخلية»
ساقته الأقدار أن يذهب هناك.. حيث تمتزج الدماء بالرمال الصفراء، وتمتلئ سماؤها بأصوات طلقات النيران بين الحين والآخر، لا هدوء هناك ولا راحة بال ولا أمن يشعر به ساكن فيها، إنها سيناء التى باتت فى قبضة الإرهابيين والخلايا التكفيرية والعناصر الجهادية، كان يعلم كثيراً عن المكان، فقد خدم فى جنوب سيناء من قبل، ولديه معلومات كافية بطبيعة شمال سيناء، لكنه فى تلك المرة كان الخروج مريباً، خاصة بعد أن كلفته «الداخلية» بالتحقيق فى مقتل الضابط الشهيد محمد أبوشقرة الذى كان يحقق فى قتل الجنود المصريين الذين قتلو غدراً فى رمضان الماضى. ربما كانت لديه المعلومات حول هؤلاء المجرمين وربما لم يتمكن من جمع كل المعلومات، فقد طالته أيدى الغدر قبل أن يُدوّن فى تحقيقاته ما توصل إليه، راقبه المجرمون بعد انتهائه من العمل وطاردوه بوابل من طلقات النيران التى أودت بحياته فى الحال قبل وصوله إلى بيته.
موته لم يكن عادياً وجنازته أيضاً لم تكن عادية، خرجت جموع التظاهرات تهتف فى جنازته بإسقاط النظام، يهتفون بأعلى أصواتهم: «يسقط يسقط حكم المرشد»، توحدت الهتافات، وتوحدت صفوف المواطنين جنباً إلى جنب رجال الشرطة الذين خرجوا عن صمتهم فى الجنازة.. صادف استشهاده يوم الاستعداد للغضب الشعبى ضد نظام الإخوان المسلمين، هاتفه توأمه قبل استشهاده بثلاث ساعات تقريباً يبلغه ما وصل إليه المواطنون واستعداداتهم للخروج فى 30 يونيو، اليوم التالى لوفاته، يفرح الشهيد فرحة كبيرة بما سمع ويقول بنبرة صادقة: «أخيراً المصريين هيثوروا ضد الإخوان».. انتابه القلق للوضع الأمنى فى بلدته ومسقط رأسه، الإسكندرية، فهو يعلم جيداً أن خروج تظاهرات معارضة للرئيس محمد مرسى تعنى وقوع حرب أهلية وشيكة من قِبل المؤيدين له، يوصى أخاه بالحذر ويبلغه بنبرة حزينة ما وصلت إليه سيناء، مؤكداً أنها صارت فى قبضة الإرهابيين، وأن كل مَن فى سيناء يؤيد نظام الحكم الإخوانى، كلمات أخيرة قالها الشهيد محمد هانى الذى تجاوز الخمسين بعامين، يعتبر استهداف ضباط الشرطة فى سيناء صار طبيعياً فى ظل انتشار السلاح بمنطقة لم يعد للأمن مكان بها، وأن الضباط الأكفاء هم على قائمة الاغتيالات، لأنهم يلاحقون العناصر الإرهابية الخارجة على القانون.