بالصور| «الوطن» في «خزف جراجوس».. مقتنيات غزت العالم مهددة بالاختفاء
على مسافة 45 كيلومترًا شمال مدينة قنا، و25 كيلومترًا من محافظة الأقصر، و7 كيلومترات من مدينة قوص، يقع مصنع خزف «جراجوس»، المدرسة الفنية لصناعة الخزف التي انشئ عام 1954 م بأمر من الراهب الفرنسي استيفيان ديمون، وبتصميم معماري فريد من نوعه بمعرفة المهندس المعماري الشهير حسن فتحي، ليكون انطلاقة جديدة للصعيد إلى العالمية بجانب المزارات السياحية.
رياض: المصنع قلة السياح وهروب العمالة توشك على غلق المصنع ونطالب الحكومة بالنظر إلينا بوضعنا على الخريطة السياحية
وأصبح مصنع خزف «جراجوس» مزارًا سياحيًا لآلاف السياح على مدار 63 عامًا، والمشاهير والمثقفين الذين يأتون ليقتنوا تلك المنتجات الخزفية اليدوية المتميزة والفريدة على يد عمالة فنية مهرة يطلق عليهم الفنانين المبدعين لما يحملونه من صفات فنية فريدة، إضافة مقصدًا لطلبة الجامعات وبخاصة طلاب كليات الفنون الجميلة على مستوى الجمهوية.
تردي الأوضاع الأمنية عقب ثورة يناير، وحتى هذه اللحظة وغياب السائحين الذين كانوا يقطعون مسافات تتخطى 25 كيلومترًا من قوص وعشرات الكيلومترات من البحر الأحمر والذي كان يعد أحد مطالب السياح لبرنامجه السياحي في مصر، لزيارة مصنع «جراجوس» لشهرة منتجاته عالميًا، ونقص العملة الفنية بعدما كان يعمل فيه عشرات من أهل القرية وهروبهم إلى العمل في الخارج وفي حرف أخرى، وعدم اهتمام الدولة بالحرف اليدوية التي تعتبر خط رئيسي لنقل ثقافة الشعوب بعضها البعض، كل ذلك إلى تدهور تلك الملحمة الفنية الفريدة في صعيد مصر.
انتقلت «الوطن» إلى قرية جراجوس ومنها إلى مصنع الخزف والتي وجدته أشبه بمبان خاوية لا يتواجد بها سوى المسئول عن المصنع، وفنيين اثنين بعدما كان خلية نخل في مباني مصممة خصيصًا لكل مراحل التصنيع من التربة حتى قاعة ريشة الرسم على المنتجات للإطلاع على مراحل الصناعة والمشكلات التي تواجه المصنع.
بداية يحدثنا، أمجد جرجس، فنان تشكيلي، وأحد الفنانين القائمين على العمل في المصنع، عن مراحل تصنيع المنتج، فقال إن المرحلة الأولى جلب تربة حمراء عبارة كسر تشبه الحجارة مخصصة تجلب من محافظة أسوان حسب الاحتياجات، الأول نضع بعضها في أحواض مخصصة لذلك يمر وسطها قناة بها مصافي تظل الطينة في الحوض لمدة 15 يومًا تتمالك وتترسب في قاع الأحواض وتسرب المياه للحوض الموازي، حتى تتحول إلى طينة.
فنان تشكيلي: كان يزورنا 9 افواج سياحية في التسعينيات ونعمل 3ورديات للإيفاء بطلبيات السياح
المرحلة الثانية نجلب الطينة المخلطة بالماء ووضعها في براميل بلاستيكية ثم وضعها في قوالب مخصصة لذلك حتى نصل إلى الشكل النهائي للطينة الحمراء، ثم تجميع الطينة في مكان معزول في مبني مخصص بجوار عملية التصنيع ورشها بصفة مستمر يوميًا حتى تظل طرية، موضحًا إلى أنها تلك الكميات تظل لشهور حسب حجم الطلبيات المطلوبة.
المرحلة الثالثة قبل التصنيع والدخول على آلة التشكيل يتم تمليك القطع الطينية المطلوبة بشكل كافية حتى تكون الطينة متماسكة لإخراج منتج جيد، ويتم تشكيلها حسب المطلوب، كما توجد قوالب يتم صب عليها الأطباق الزخرفية، ونضعه في مكان مخصص لذلك طبقاً لدرجات حرارة 26 درجة صيفًا وشتاء وذلك التصميم فريد في المبنى فإن درجة حرارته ثابتة، ويظل لمدة شهر أو شهر ونصف.
المرحلة الرابعة، وضع المنتجات في فرن حريق تشعل بالخشب تظل لمدة 20 ساعة متواصلة الاشتعال، حتى تعطي درجة حرارة 1000 درجة مئوية ليخرج منتج أحمر، أو فرن تعمل بالكهرباء درجة حرارة 1000 درجة أيضا، وبعد حريق المنتج يدخل قاعة الورشة ليدخل مرحلة الدهان أما بالفرشة أو غيرها من الاستخدامات مثل الرش بالكمبوريسة وتكون ألوان صالحة للاستخدام الآدمي.
الفنان امجد جرجس يشرح لـ" الوطن" مراحل التصنيع في مباني معمارية صممت بمعرف المهندس المعماري حسن فتح
وتابع «جرجس»، أن المرحلة الأخيرة هي الرسم وتكون الرسم اليدوي ويكون على الفنان هنا على دقة عالية في الرسم حتى يخرج منتج مظهرة جميل ومتميز يلقى قبول زوق الزوار.
الفنان التشكيلي فواز سيدهم، أحد اثنين من الفنانين الذين ما زالوا يعملون في المصنع رغم الاوضاع السيئة التي يعيشها على مدار سنوات، قال إنه يعمل في المصنع منذ 18 عامًا، كانت أفضل أيام قضاها بالمصنع من رواج وقت التسعينيات فكان المصنع خلية نحل من العمل لسد طلبات السياح من صناعة تماثيل من كافة أنواعها وأطباق الخزف والأواني الخزفية وغيرها من الأشكال التي كان يحرص على اقتنائها آلاف السياح الذي شاهدهم طيلة فترة عمله في المصنع والذي يضعون في برنامجهم السياحي زيارة جراجوس بسبب الخزف.
وأضاف أنه كان يأتي يوميًا لزيارة المصنع من 8 الى 9 افواج سياحية، فكنا نعمل على فترات او ورديات في اليوم، كما أن المصنع في فترة الصيف يأتي إليه عشرات الشباب ليتعلموا الحرفة، ولكن في الوقت الحالي الوضع سيء، على حد وصفه، مطالبا الحكومة بعرض منتجات المصنع في عمليات التروج عن السياحة المصرية ليعود المصنع مقصدًا للسياح مرة أخرى.
أما رياض كامل، المسئول عن المصنع وأحد المؤسسين له، إنه مسئول عن المصنع في ابرام الاتفاقيات وعرض المنتجات في المعارض داخل اماكن السياحة واستقبال الافواج السياحية، إضافة إلى جلب التربة من محافظة أسوان.
رياض كامل مسئول المصنع: زارنا ملك وملكة السويد واحمد شفيق وصلاح جاهين والابنودي ومقصد لطلاب الجامعات
وكشف عن ابز الزوار لمصنع الخزف ملك وملكة السويد عام 1986 م، الشيخ الطيب شيخ الازهر الشريف، شقيق عبدالحكيم عامر، وأحمد شفيق رئيس حكومة الثورة، والفنان فاروق حسنى وزير الثقافة، والوزير ممدوح البلتاجي، وزير الإعلام، والشاعر عبدالرحمن الأبنودي وعائلته، الفنانة فاتن حمامة، والشاعر صلاح جاهين، والمثقفين والأدباء والفنانين التشكيلين من مختلف المحافظات، إضافة إلى السياح وطلبة المدارس وطلبة الجامعات.
أما المشاكل التي تواجه التحفة المعمارية التي يتخللها مصنع الخزف، قلة السياحة وعزوف شركات السياحة عن وضع المصنع في برامج الترويج عقب ثورة يناير والتي هي بطبيعة الحال انعدمت فيها هذه الفترة السياحة الثقافية للأقصر وأسوان وقنا، ولكن استمر حتى وقتنا هذا رغم انتعاش السياحة في الفترة الاخيرة مع حكم الرئيس السيسي، فالأمر اقتصر على عرض المنتجات في معرضين في السنة الاول في الاقصر والثاني في الاسكندرية أو القاهر وعادة ما يكون في ديسمبر من كل عام، كما أن البازرات التي انت تطلب المنتج الخاص بنا قلت الطلب عليه بسبب شح السياحة.
المشكلة الثانية هروب العمالة التي كانت في المصنع إلى الخارج والعمل في مهن اخرى لعدم وجود بيع لمنتجات المصنع بشكل يغطي تكاليف تواجدهم أو أجورهم فالمصنع أصبح به 3 عمال فقط لا غير بالإضافة إلى ذلك ارتفاع سعر الطينة التي يتم جلبها من محافظة أسوان إلى أضعاف الأضعاف من أصحاب المحاجر مما زاد التكاليف في المنتج وزيادة سعره رغم عدم وجود ترويج كافي له.
وطالب "كامل" وزير السياحة وشركات السياحة في الوجه القبلي بوضع مصنع خزف جراجوس على الخريطة السياحية كما كان يحدث في السابق، كما أن تكون عمليات الترويج للسياحة في الخارج بها صور وفيديوهات لمنتج خزف جراجوس فكل سائح زار المصنع من بلدان العالم زار المصنع لديه قطعة خزفيه مطبوع اسفلها" مصنع خزف جراجوس" فذلك سوف يعيد السياح السابقين لزيارة مصر مرة آخرى.