حين يذهب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى «الجبهة»، لا بد أن يخلع زيّه المدنى كرئيس للجمهورية، ويرتدى «البدلة الميرى».. إنه بين جنوده فى ساحة المعركة، فلم يعتَد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» أن يجلس فى مكتب مكيّف ليُصدر التعليمات ويتلقى التقارير.. بل عودنا منذ كلفناه وفوضناه بمحاربة الإرهاب أن يكون فى «الصف الأمامى». وفى «علم النفس» فرع متخصص لدراسة «الزى»، ومن خلاله يمكن أن نفهم لماذا يتسلّل الإحساس بالفخر والأمان إلى كل مصرى، عندما يرى الرئيس بالزى الميرى، لماذا نركز جميعاً فى «نبرة صوته».. حين يغضب أو يتحدّث بحسم وصرامة، وتصل رسائله إلى العالم أجمع، فنحن نخوض حرباً عادلة شريفة نزيهة، ونلتزم بالقانون.
الرئيس كان يفتتح رسمياً مركز قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب فى سيناء، وهى أحدث القواعد العسكرية الحصينة، التى شيّدها الجيش، بناءً على تكليف صادر من القائد الأعلى، وهذه القاعدة أسطورة عسكرية غير مسبوقة، وفخر لقواتنا المسلحة من ناحية التجهيز والاستعداد، كما أنها رسالة واضحة بأن حرب مصر على الإرهاب نجحت فى سيناء، لكنها لن تتوقف أبداً، لأنها حرب ممتدة وموصولة للقضاء على الكيانات الإرهابية وحرق الأرض المزروعة بالفكر التكفيرى.
لقد أصبحت عملية «سيناء 2018» مدرسة فى التاريخ العسكرى العالمى، ومنهجاً فى مواجهة الإرهاب، والتعامل مع الميليشيات المسلحة المختبئة فى المغارات والأنفاق.. بل والتى استوطنت منازل أهالينا فى سيناء بالمصاهرة!.
(الناس الإرهابيين يتشالوا من فوق وش الأرض بكل قوة وعنف يا محمد)، عبارة واضحة قالها الرئيس موجهاً حديثه إلى رئيس أركان القوات المسلحة، الفريق أركان حرب «محمد فريد حجازى»، موضحاً أن من يُسلم نفسه سوف يُحاكم طبقاً للقانون.
الرئيس لم يذهب إلى جبهة القتال لرفع الروح المعنوية والثقة والطمأنينة لدى المقاتلين فحسب، لقد ذهب «السيسى» ليطمئن بنفسه على أن البنية التحتية للإرهاب قد تم تدميرها بالكامل، وأن الطيران والمدفعية قضوا على حركة تنقلات الإرهابيين، وتم تفجير مخازن التسليح والمتفجرات، وأن «القوات البحرية»، التى قامت بدور بارز فى الحرب على الإرهاب، تحمى حدودنا من كل طامع أو «مجنون»، كما تمنع وصول إمدادات الدول المموّلة للإرهاب.
نحن على مشارف «النصر».. ولم يتبقَ إلا اصطياد الجرذان الهاربة فى الجبال والجحور.. وتمشيط أوكارهم بعناصر القوات الخاصة.
كان الرئيس يقف وسط وحوش القوات المسلحة فخوراً، يدير معركته الأخرى، ألا وهى تهيئة الحياة الكريمة لأهل سيناء، ومواصلة «حرب التنمية»، لأنها وحدها الكفيلة بزرع البشر فى كل شبر ليدافعوا بأنفسهم عن منازلهم ومصانعهم وأراضيهم.. عن وجودهم فى تلك البقعة الغالية من أرض مصر.
وأوضح الرئيس أن عملية التنمية الشاملة فى سيناء بدأت بالفعل منذ عام 2014 ومستمرة حتى 2022، مضيفاً أن تكلفة تنمية وتطوير سيناء ستصل إلى إجمالى 275 مليار جنيه، وهو رقم ضخم يستلزم تكاتف كل المصريين من أجل المساهمة فى توفيره.. ووجّه الرئيس نداءً وطنياً إلى جميع المواطنين ورجال الأعمال من أبناء مصر الشرفاء بالتبرّع لصندوق تحيا مصر، باعتباره الوعاء القائم بالفعل، الذى يمكن من خلاله المساعدة فى التمويل اللازم لتنمية سيناء.
لقد أهملت الأنظمة السابقة تنمية سيناء، والآن يريد «السيسى» تجاوز العقبات التى تشهدها سيناء: (نريد حل وتجاوز هذه المسألة خلال السنوات الأربع المقبلة.. ومن هنا نداء قومى ووطنى، وأستجير بالله ثم المصريين الشرفاء.. كل المصريين الموضوع ده أمن قومى حقيقى.. أمن.. أمن قومى حقيقى ويحتاج إننا نتكاتف جميعاً).
ولأنه «أمن قومى» فحمايته لا تقتصر على القوات المسلحة: (لو حد يفكر يقرب من اللى إحنا بنعمله لازم أغضب.. لن نسمح لأحد يدخل مصر تانى للفوضى والخراب والتدمير.. مش أنا بس أغضب، ده كل المصريين وكل شريف).. وعلى كل مصرى شريف أن يكون جندياً فى موقعه.. على الأقل احتراماً لدماء الشهداء الزكية التى كانت تأتينا مع كل بيان للقوات المسلحة فى عملية «سيناء 2018».
إذاً «باقى من الزمن ثلاثة أشهر».. فقد طلب الفريق «محمد فريد»، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، من الرئيس «السيسى» مدّ فترة (العملية الشاملة سيناء 2018) لأكثر من 3 أشهر، للتأكد من تطهير سيناء بأكملها من الإرهاب، تمهيداً لبدء مخطط التنمية.. مشيراً إلى أن (القوات تنفذ العملية على الأرض ضد عناصر نفّذت الكثير من التجهيزات الهندسية تحت الأرض)، على حد قوله.. فضلاً عن وجود مسرح العمليات فى مناطق سكنية، مع حرص الجيش على حماية الأهالى فى سيناء.
لكن القائد الأعلى للقوات المسلحة أصر على إنجاز المهمة فى ثلاثة أشهر لا أكثر.. إنه «السيسى» كما عهدناه «محارب صلب».. و«مقاتل عنيد».. لا يعرف اللين أو الهوادة فى «الحرب».. ويدرك أن الإرهاب يُعرقل كل جهود الاستقرار والتنمية.. ويتعجّل «النصر».. وإنه لقريب بإذن الله.