«كوكتيل» البهجة والإحباط.. الكرة: طعم الحياة الحلو.. وحلم الصغار والكبار
09:46 ص | الأحد 05 أغسطس 2018
جماهير الكرة.. فرح لفوز فريقها و«حرقة دم» لخسارته
«الكرة أفيون الشعوب»، فوحدها قادرة على أن تجمع الملايين فى الشوارع، ليهتفوا باسم مصر مجدداً، لذلك كانت الفرحة بالصعود إلى مونديال روسيا 2018 عظيمة، وهى فرحة لم يكافئها فى الحجم سوى الخروج المحبط والمخزى من المنافسة بثلاث هزائم متوالية، وهو إحباط لم يبعد الجمهور عن عشقه الأول ومصدر فرحته الوحيد.. الكرة.
من رفح شرقاً إلى السلوم غرباً، ومن الإسكندرية شمالاً إلى حلايب جنوباً، تظل الكرة «الحب الأول» بالنسبة للمصريين، مهما أبعدتهم لقمة العيش أو المستوى المتدنى للدورى، فالأطفال يكبرون بحلم واحد أن يصبح كل منهم «محمد صلاح جديد»، والكبار يبحثون عن «الكورة الحلوة» ليل نهار على شاشات التليفزيون.
«كمال»: حياتى فارغة بدونها.. و«الريس»: تركت تشجيع الزمالك بسبب إدارته لكنه ما زال فى قلبى
فى سوهاج، ثانى أفقر محافظات الجمهورية، لم يعد اتجاه الأطفال للعب الكرة مصدراً للعقاب من جانب الأهالى، بحجة تعطيلها لهم عن الدراسة، بل زاد إقبال أولياء الأمور على الأندية ومراكز الشباب والأكاديميات لتعليم اللعبة لأبنائهم، على أمل أن يخرج من بينهم «محمد صلاح» يمتعهم بالكرة، ويصبح واحداً من المشاهير.
محمد عبده كمال، طالب بالفرقة الثالثة فى «تجارة سوهاج»، قال: «أحب كرة القدم، لأنها اللعبة الأكثر شعبية فى العالم، وأعشقها منذ الطفولة، فهى جزء كبير من حياتى، وأخصص لها جزءاً كبيراً من وقتى، ولا يمكن أن أتخيل حياتى دونها، فهى ستصبح عندها فارغة ومملة، ومنذ صغرى أشجع الأهلى، وأعشقه لدرجة الجنون».
بداية تشجيع محمد للأهلى كانت مع مشاهدته لتشجيع شقيقه الأكبر المحاسب سعودى للنادى، خاصة فى فترة حصوله على العديد من البطولات، يقول: «أخى كان يحدثنى كثيراً عن الأهلى وتاريخه الحافل بالبطولات، وأنا فخور بتشجيع نادى القرن، فهو يبقى المصدر الرئيسى لسعادتى، وأحرص على مشاهدة المباريات داخل الاستاد كلما سمحت لى الظروف».
أما عاصم الريس، 42 عاماً، الحاصل على دبلوم تجارة، فقال إنه مارس كرة القدم منذ الصغر فى قريته المساعيد التابعة لمركز العسيرات، رغم رفض والده، بحجة الخوف على مستقبله الدراسى، موضحاً: «كنت أمهر حارس مرمى فى القرية، وعندما التحقت بمدرسة جرجا الثانوية التجارية لعبت فى فريقها، وشاركت فى العديد من الدورات الرياضية على مستوى المدارس، ولعبت حارساً أول لنادى جمعية الشبان المسلمين».
ورغم عشق «الريس» لنادى الزمالك منذ صغره، فإنه اضطر مؤخراً للتخلى عن تشجيعه بسبب ما يعانيه الفريق من خلافات داخلية، مؤكداً: «رغم ابتعادى عن تشجيع الزمالك، لكنه سيظل فى قلبى، وسأعود لتشجيعه عندما تتحسن أحواله، ويتولى إدارته لاعبون من أبنائه، مثلما حدث فى الأهلى، وأرى فى كرة القدم تهذيباً للروح وإفادة للجسم، ولا أتخيل أن يمر يوم واحد دون مشاهدة مباراة كرة، سواء فى التليفزيون أو الأندية ومراكز الشباب القريبة».
«أسامة»: الكرة ملهمة للمصريين.. و«طعيمة»: غير مكلفة ومن السهل ممارستها بـ«الكرة الشراب»
فى نجريج، مسقط رأس صانع الفرحة «محمد صلاح» بالغربية، أصبحت كرة القدم الحلم بالنسبة لكل أطفال القرية، يقول محمد علام، أحد كبار مشجعى الأهلى فى القرية: «كرة القدم هى الحياة بالنسبة للمصريين، ففى الكثير من الأوقات تكون لدىّ مشكلات فى العمل، فأذهب لمشاهدة مباراة للأهلى أو المنتخب، فأنسى هذه المشكلات، لو مؤقتاً».
أما أسامة محمد، مدرس التاريخ، وأحد مشجعى نادى طنطا، فيقول: «كرة القدم ملهمة للمصريين، وسبب لوحدتهم، فقلما نجد المصريين يتفقون على شىء مثلما يتفقون على حبهم للكرة، خاصة عندما يتجمعون بمختلف الطوائف والانتماءات لمشاهدة مباراة للمنتخب القومى، أو مباراة قمة بين فريقى الأهلى والزمالك، فالكرة هى مصدر السعادة للمصريين، وهى سعادة بلغت ذروتها عندما أطلق حكم مباراة مصر والكونغو صافرة النهاية، معلناً تأهّل منتخبنا لكأس العالم، بعد غياب 28 سنة، وعشنا 8 أشهر من التفاؤل والسعادة، خاصة أن الأجيال الشابة لم ترَ المنتخب فى كأس العالم من قبل».
ويقول مصطفى طعيمة، مشجع زملكاوى: «كرة القدم لعبة سهلة، وتمنح البهجة لمن يمارسها، كما أنها لا تتطلب الكثير من التكاليف، فيستطيع شخصان أو أكثر ممارستها دون أعباء مالية، ويمكن ممارستها بالحجر أو بالكرة الشراب، وخلال المؤتمر السادس للشباب، شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى، على اهتمام الدولة بالنشاط الرياضى، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيه، مكلفاً مجلس الوزراء بوضع خطة عاجلة لإتاحة الفرصة للطلاب بممارسة الأنشطة الرياضية، ما يؤكد أن الرياضة المصرية ستشهد طفرة كبيرة خلال الفترة المقبلة».
وطالب «طعيمة» المسئولين عن الرياضة فى مصر بأن يعملوا بكل إخلاص لوضع خطط مستقبلية للنهوض بمستوى المنتخب بشكل خاص، والكرة المصرية بشكل عام، «لنستطيع الوجود بقوة فى المنافسات العالمية والقارية، من أجل إسعاد الشعب المصرى، الذى يرى فى كرة القدم سعادة لا توصف، فكُرة القدم تجمع الفرقاء، وكم من خصومات انتهت أثناء مشاهدة مباراة».
عمرو قطورة، أحد مشجعى الزمالك فى البحيرة، قال: «كرة القدم تمثل الحياة بالنسبة لنا، فنحن لا نتأخر عن أى مباراة يُسمح فيها بدخول الجماهير، وفى الفترة الأخيرة كانت مباريات المنتخب هى المقصد الوحيد لنا، بسبب استثنائها من قرار حرمان الجماهير من التشجيع، فهذه المباريات توحدنا كمشجعين، سواء زملكاوية أو أهلاوية، لأننا نجتمع جميعاً على تشجيع مصر، سواء الزملكاوية أبناء الدرجة الثانية يمين، أو الأهلاوية أبناء الدرجة الثالثة شمال». ويطالب محمد عسلية، أحد مشجعى الأهلى، بضرورة عودة الجماهير إلى الاستاد مجدداً: «لا توجد لذة بالنسبة للمشجعين تعادل حضور المباريات فى الاستاد، بالإضافة لما تمنحه للاعبين من حافز ومتعة، وفى كل أنحاء العالم الجماهير هى وقود المباريات»، مضيفاً: «للأهلى شعبية كبيرة فى البحيرة، وتحظى مبارياته فى الدورى أو الكأس باهتمام جماهيرى كبير، كما تتوقف الحياة تماماً فى المحافظة أثناء مبارياته».