من محو الأمية للجامعة.. نهى تتحدى الإعاقة: نفسي في وظيفة وأقابل الريس
![نهى تتحدى الإعاقة.. من محو أمية للجامعة: نفسي في وظيفة وأقابل الريس](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/7924446551569067855.jpg)
نهى تتحدى الإعاقة.. من محو أمية للجامعة: نفسي في وظيفة وأقابل الريس
لم تمنعها إعاقتها من بدء تعليمها بعزم وإصرار بعد عمر الـ14 من خلال الالتحاق ببرامج محو أمية الكبار، ثم انتظرت حتى استطاعت إصدار بطاقة شخصية تمكنها من استخراج شهادة محو الأمية كي تكمل تعليمها الأساسي، حتى تمكنت في الحصول على ليسانس الآداب، وفي خضم ذلك علمت نفسها المشي في سن العشرين رغم تشخيص الأطباء باستحالة ذلك.
"قصر الطول وضعف العضلات واستخدام الكرسي المتحرك" هي عوائق وضعت في طريق نهى عزام، 34 عاما، لكنها أصرت أن تصل إلى حلم المؤهل الجامعي، لكن الروتين وجد سبيله نحو عدم تحقيق الحلم الآخر بإيجاد وظيفة تحقق من خلالها ذاتها، حيث بعد مرور 8 أعوام على التخرج، لم تحصل نهى على وظيفة تراها حقها كشخص حاصل على مؤهل عالٍ أو شخص ضمن فئة الـ5%.
نهى: علمت نفسي المشي وأنا عندي 19 سنة رغم تشخيص الأطباء إنه مستحيل أمشي
تعنت واجهته نهى التي تقطن طنطا بمحافظة الغربية، جعل قبولها في مدارس مدينتها مرفوضًا حتى بعد حصولها على شهادة محو الأمية، فكان أن التحقت بقرية بكفر الزيات، فالمدينة لا تقبل أشخاصًا في سن كبيرة، لكن الفتاة أصرت على الاجتهاد، تكلفت في ذلك عائلتها عناء الانتقال من مقر الإقامة إلى مقر الدراسة وتكاليف الدروس عندما يصعب الوصول للمدرسة، لتنهي مرحلتها الإعدادية بتفوق حيث كانت من الأوائل، ثم التحقت بالثانوية بنظام "منازل" في مدينتها، حتى تم تسجيلها بكلية الآداب وتخرجت في قسم التاريخ عام 2011.
نهى: نفسي في وظيفة حقيقية مش على الورق أكون فيها منتجة مش عالة
"بعد الإعدادي كانت أمي بدأت تتعب لأن عندي أخت وأخ ذوي إعاقة وكنا حِمل عليها جدا وأختنا الكبيرة كانت هتتجوز.. قررت إني أحاول أعتمد على نفسي وأجرب أمشي، وبقيت أسند على السرير أو الحيطة ومرة أقع ومرة أمشي خطوة واتنين لحد ما قدرت أمشي بعكاز رغم إن الدكاترة قالوا إن عضلاتي الضعيفة مش هتخليني أستغنى عن الكرسي المتحرك"، وذلك بحسب حديث نهى لـ"الوطن"، متابعة أنها بذلك حاولت التخفيف على والدتها ليتبقى لديها شقيق توفاه الله فيما بعد وأختها نجوى ذات الـ24 عاما المصابة بقصر شديد في القامة ليبلغ طولها 75 سم، بالإضافة إلى عظامها الزجاجية الضعيفة جدا.
"أنا عايزة أكون عائد مش عالة"، حلم بسيط لطالما سعت نهى لتحقيقه منذ تخرجها في كلية الآداب منذ 8 أعوام، فهي تستشعر في نفسها شخصا ذا قدرة على الإنتاج والعمل، حتى إنها بعد تخرجها تطوعت للعمل بمحو الأمية لمدة عامين، عملت فيها على إلحاق نجوى شقيقتها، بالإضافة إلى تخرج ما يزيد على 14 شخصا تعلموا على يدها القراءة والكتاب وحصلوا على شهادة محو الأمية التي تعادل الشهادة الابتدائية، وتكفلت في ذلك مبالغ مالية زائدة للتنقل بين منزلها والفصول في وسائل انتقال ذات طبيعة خاصة تلزمها نفقات أكثر من وسائل الانتقال العامة، وكان المقابل من الهيئة رمزيا جدا أو يتأخر وقد لا يصل، ووعود بالتعيين "من يوم ما اتخرجت بحاول ألقى شغل 5% أو شغل تاني لكن مش بتقبل علشان بيحكموا عليا بالظاهر.. اتقبلت في شغل ورفضته لأنه كان مجرد شغل على الورق وأقعد في البيت ويجيلي مرتب 500 جنيه.. بدأت أعلم الناس وأمحي الأمية علشان أفيد الناس زي ما استفدت، لكن كل فترة الهيئة تكلمني علشان أروح أتكرم ويوعدوني بالشغل ومايحصلش غير إنهم ياخدوا صورة معانا بس".
في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى حصول نهى على دورات متنوعة في إدارة الأعمال والتنمية البشرية وغير ذلك، فقد اكتشفت هي وشقيقتها نجوى شغفا جديدا، وهو استخدام الكروشيه والخرز في عمل مجسمات، فتعلَّمتا الأساسيات من خلال موقع مقاطع الفيديو "يوتيوب"، وقامتا بتطوير مهاراتهما في محاولة للبحث عن مصدر رزق مستقل عن العائلة، لكن عملية تسويق منتجات يدوية كان أمرا صعبا، حاولا التغلب عليه باستخدام التسويق عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بالإضافة إلى المشاركة في فعاليات ومعارض للتعريف بمنتجاتهن "الميداليات والأشكال الديكورية اللي بنعملها رغم إن شكلها حلو جدا وبنطور نفسنا إلا إن الإقبال عليها كبير وبدفع فلوس لتأجير مساحة، وكمان عملنا تدريبات للناس نعلمهم شغلنا".
تتمنى الفتاة الثلاثينية وأختها العشرينية أن تستطيع الحصول على فرصة عمل كما وعدتها هيئة محو الأمية وتعليم الكبار في طنطا أكثر من مرة لكنها لم تفِ، لكنها لا تقصر الأمر على العمل التدريسي فهي تريد أي وظيفة تستطيع أن تكون من خلالها شخصا منتجا، أو وظيفة لشقيقتها مثل عمل إداري أو منفذ لبيع منتجاتهن اليدوية "بوجه التحية للريس علشان قانون 10 اللي اتفعل في عهده، ونفسي أحضر مؤتمر الشباب وأقابله وأوصله صوتي كامرأة كافحت وتعبت وأنجزت لأنه دايما راعي للمرأة المصرية وفي نفس الوقت ذوي الإعاقة ويحقق حلمي إني أكون شخص منتج وقد المسؤولية.. بالوظيفة هقدر أقدم في إسكان الشباب بدل بيتنا اللي بالإيجار لأني اترفضت بسبب عدم وجود دخل ثابت".