ضغوط فرنسية أمريكية على الجزائر صاحبة الدور الحاسم في ملف مالي
أمام ضيق الوقت الذي يستفيد منه الإسلاميون المسلحون، واقتراب استحقاقات الأمم المتحدة، تُضاعف فرنسا والولايات المتحدة ضغوطهما على الجزائر من أجل الموافقة على تدخل عسكري أفريقي في مالي، وهي موافقة يؤكد خبراء أنه لا بد منها لنجاح العملية.
وبعد الزيارة التي قام بها إلى الجزائر وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، في يوليو، ومن بعده الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند في ديسمبر، تحل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، الاثنين، ضيفة على العاصمة الجزائرية لتبحث أزمة مالي، و"بشكل عام موضوع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، كما أفادت وزارتها.
ويحتل التنظيم وحلفاؤه الطوارق من جماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، منذ أبريل، شمال مالي، ويفرضون فيه الشريعة ويقسمون عمليا البلاد إلى قسمين.
وفي 12 أكتوبر طلبت الأمم المتحدة من الأفارقة أن يعرضوا عليها قبل 26 نوفمبر خطة مفصلة لتدخل عسكري، وحثت باماكو على بدء "مباحثات ذات صدقية" مع المتمردين الطوارق.
وترى كل من باريس وواشنطن أنه "لا يمكن الاستغناء" عن الجزائر في حل هذه الأزمة.
وتتمتع الجزائر، التي لديها جيش قوي، بجهاز استخبارات فعال وخبرة لا تُنْكَر في مكافحة الإرهاب، لأنها قاتلت طوال عشر سنوات الجماعة الإسلامية المسلحة، التي تحولت إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ولها أيضا تأثير على الطوارق لأنها سهلت مرارا مفاوضات بينهم وبين حكومة مالي.
وليَّنت الجزائر مؤخرا موقفها الذي كان في البدء يعارض تدخلا عسكريا دوليا في جارتها مالي، التي تتقاسم معها حدودا طولها 1400 كم، وذلك خشية "زعزعة استقرار" أراضيها، حيث يعيش خمسون ألفا من الطوارق.
وبتفضيل التفاوض، استبعدت الجزائر مبدأ عملية مسلحة دون التفكير في المشاركة فيها. ويرى الخبراء أن الرهان أساسي.
ويقول بيار بويلي، مدير مركز الدراسات في العالم الأفريقي، إن "تدخلا في شمال مالي ممكن بدون دعم الجزائر العسكري، لكنه غير ممكن من دون موافقتها".
ويوضح آلان أنتيل، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن "للجزائر وسائل لإفشال أي تدخل من خلال عدم غلق حدودها بإحكام"، في حين يرى جان شارل بريزار، الخبير في قضايا الإرهاب، أنه "من الضروري أن يحكم الغلق الجزائري كي لا تتمكن الحركات الإسلامية المسلحة من الصعود إلى الشمال"، معتبرا أن "أكبر خطر في هذه العملية هو أن تتحول إلى مأزق".
وأعلن مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية، مايكل بيلتييه، أن "الجزائر على غرار سائر جيران مالي لها دور هام جدا تلعبه"، مؤكدا أن "الجزائريين بصدد محاولة تسوية كل ذلك في مصلحتهم الشخصية ومصلحة المنطقة"، مضيفا أن "الدور الذي سيلعبه كل واحد حسب خبراته ما زال يجب مناقشته".
واعتبر بريزار أن مشاركة عسكرية جزائرية غير محتملة؛ لأن "الجزائر بعد أن نجحت في إقصاء الخطر الإرهابي، لا تريد أن تصبح الهدف الأساسي لتلك الحركات".
ومنذ أسابيع عدة تحاول الجزائر حمل الطوارق المنتمين إلى حركة أنصار الدين على نبذ الإرهاب وقطع كل علاقة لهم بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
ويؤكد بيار بويلي أن "الجزائر استقدمت مؤخرا وفدا كبيرا من أنصار الدين للمناقشة"، مشيرا إلى "تقارب" بين هذه الحركة الإسلامية المسلحة والطوارق الانفصاليين (العلمانيين) في الحركة الوطنية لتحرير ازواد.
وصرح الموفد الفرنسي إلى الساحل، جان فليكس باغانون، لمجلة "جون آفريك"، أن "عدة بلدان في المنطقة مثل الجزائر والعديد من المحللين يعتقدون أن المفاوضات ممكنة مع أنصار الدين، وسنرى"، لكنه حمل أنصار الدين مسؤولية تدمير أضرحة تمبكتو وعمليات جلد وبتر أطراف ورجم حتى الموت، مشددا على أن "تصرف الحركة مرتبط كليا بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".