بروفايل| جمال وعلاء الظهور الأول
اشتباكات عنيفة تدور رحاها فى ميدان التحرير، يسقط على أثرها عشرات الشباب مختنقين بالغاز، ومصابين بالخرطوش، يحملون على دراجات نارية للمستشفى الميدانى بدار مناسبات عمر مكرم، يتلقون الإسعافات الأولية، يلفظ أحدهم أنفاسه الأخيرة، فيما ينقل آخرون إلى المستشفيات فى محاولة يائسة للإنقاذ. الميدان مشتعل، لا تراجع ولا استسلام، تتعالى الصيحات المنددة بنظام «مبارك»، لا تهدأ إلا مع تخلى الرئيس عن منصبه، وإحالته للمحاكمة مع ابنيه وعدد من رموز نظامه. محاكمات وقضايا وأحكام انتهت جميعها ببراءة علاء وجمال نجلى الرئيس، فخرجا من السجن وعادا مرة أخرى للحياة العامة عبر عزاء والدة الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، فى نفس المكان الذى اندلعت منه أولى شرارات الاحتجاج على استمرار والديهما فى الحكم بعد 4 سنوات كاملة.
بابتسامة ظاهرة لم يستطيعا إخفاءها، دخل كل من علاء وجمال مبارك إلى مسجد عمر مكرم، فى بذلتين أنيقتين بلون واحد وشكل واحد، وقبل أن يتخذا مجلسيهما هرول إليهما نفر من المواطنين ليصافحوهما، راح الأخان يتلقيان القبلات الحارة على وجهيهما، وهما يتفرسان ملياً فى المصافحين، لعلهما تذكرا وقائع الثورة على والديهما فى نفس الميدان ونفس المسجد، وربما تفحصا وجوه المعزين الذين جمعهما وإياهم العزاء ليريا فيها وجوهاً طالما هاجمتهما وكالت لهما الشتائم واتهامات الفساد، أو على أقل تقدير فرحت بدخولهما قفص الاتهام مع والدهما، وترقبت حصولهما على أحكام حازمة باترة ينتفى معها أى أمل فى خروج قريب أو بعيد.
ومع حالة الصخب التى صاحبت ظهور «علاء وجمال» فى عزاء والدة مصطفى بكرى، تحول سرادق العزاء إلى قاعة أشبه بقاعات الأفراح، اختفى فيها صوت المقرئ، وهمهمات المعزين، وحضر ابنا الرئيس فقط. وفيما انتقد البعض ذلك الظهور، وانتقدوا استقبال مصطفى بكرى نفسه لهما، فإن الأخير خرج ليصرح بأنه فوجئ بنجلَى الرئيس الأسبق فى العزاء، وأن المواقف السياسية شىء والعزاء شىء آخر.
شغل «جمال»، الابن الأصغر لمبارك والمولود فى 27 ديسمبر 1963، منصب الأمين العام المساعد وأمين السياسات السابق للحزب الوطنى الديمقراطى، واستغل نفوذ والده، وصعد بقوة فى سلم الحزب الوطنى فى بداية الألفية الجديدة، وتم تقديمه على أنه شاب «فلتة» وسياسى واقتصادى بارع؛ تمهيداً لتوريثه الحكم، رغم أن قدراته كانت ضعيفة جداً، أما شقيقه الأكبر علاء مبارك، المولود فى 1961، فكان مهتماً بالاقتصاد والتجارة، وكان شحيح الظهور فى الإعلام المصرى عكس شقيقه، ورغم ذلك راجت حوله شائعات تتهمه باستغلال منصب والده كرئيس جمهورية لتسهيل عمله فى البزنس، وهى الشائعات التى استقرت على أرضية صلبة بعد ثورة 25 يناير، حين وجد «علاء» نفسه يحاكم بتهم الفساد مع شقيقه ووالده، لينتهى كل ذلك بالبراءة لهم جميعاً.