رموز المعارضة: كل الطرق تؤدى إلى بقاء «بشار» فى مرحلة انتقالية
رموز المعارضة: كل الطرق تؤدى إلى بقاء «بشار» فى مرحلة انتقالية
السفير هانى خلاف خلال مشاركته فى «صالون الوطن»
■ «مسلم»: نبدأ بالحديث عن مصير الأسد وهى النقطة الأكثر خلافاً بين كل المتناقشين فى الشأن السورى، الدكتور هيثم مناع عضو لجنة متابعة مؤتمر القاهرة، هل ترى أن مؤتمر فيينا حسم مصير بشار الأسد؟
- هيثم مناع: التركيز على هذا الموضوع يحرمنا من امتلاك تصور سياسى للتغيير بالكامل، وبقدر ما جعلنا المشكلة فى شخص بشار، بقدر ما ابتعدنا عن امتلاك صورة كاملة فى انتقال ديمقراطى، وفى بعض الدول مثل تشيلى التى بقى رئيسها بشكل رمزى ولم يحاسب ولم ترق الدماء، وكانت هناك مصالحة وطنية بشكل أو بآخر، ويمكن فى مرحلة الانتقال أن يشارك من كان جزءاً من المشكلة نفسها، وبالتالى بالنسبة لنا نعتبر أن الانتقال الديمقراطى وتغيير منظومة الحكم السائدة الاستبدادية والديكتاتورية والأمنية يعنى تغيير شخوصها بشكل أوتوماتيكى، فإذا لم ندخل منطقة التغيير كعناصر بيان جنيف، وهم الحكومة والمعارضة، فكيف يمكن أن نصل إلى نقطة يكون فيها شخوص النظام القديم خارج اللعبة.
■ «مسلم»: فى الفترة الماضية تباينت التصريحات الأوروبية والخليجية حول وجود الرئيس بشار؟
- هيثم مناع: للأسف نحن قلنا لنبيل العربى عام 2011 إن هذا شرط لأى تفاعل، قلنا له إنه ليس لدينا مشكلة فى وجوده فى مرحلة انتقالية يكون بشار الأسد فيها، المشكلة فى الصلاحيات، وللأسف خسرنا 5 سنوات، والآن نعيد نفس الكلام، مشكلتنا فى الفترة الانتقالية مع الصلاحيات وننقلها لهيئة حكم انتقالية والعدالة الانتقالية سوف تأخذ وقتاً، ومانديلا قال لى ذات مرة نحن الآن فى العام التاسع من الانتقال ولم يحكم على شخص واحد، وتجميع أكبر قدر من السوريين حول حل سياسى يتطلب أن تأخذ هيئة الحكم الانتقالى صلاحياتها دون عنف سياسى، وأن تذهب رموز النظام معه.
هيثم مناع: ليست لدينا مشكلة فى وجود «بشار» كمرحلة.. والأزمة فى تحديد صلاحياته.. و«سليمان»: لا نريد تدمير بلادنا كما حدث فى ليبيا.. ونسعى لوحدة التراب السورى وسلامة مؤسسات الدولة
■ «مسلم»: الفنان جمال سليمان، هل ترى أن الرئيس بشار يمثل أزمة أو مستقبله يمثل أزمة فى حل الأزمة السورية؟
- جمال سليمان: لست أنا الوحيد الذى يرى ذلك، فالمسألة ليست شخصية، والشىء الأساسى الذى يجب أن نفكر به كمعارضة سورية ومحيط عربى وأصدقاء للشعب السورى، هو المصالح العليا لسوريا الدولة والشعب، وإن اقتضت المصالح الوطنية السورية أن يسير غداً فيجب أن يسير غداً، وإذا اقتضت أن يبقى خلال الفترة الانتقالية لمدة 6 أشهر أو سنة أو 18 شهراً فيجب أن يبقى، بشار ورموز نظامه لهم اليد الطولى فى المشهد ووجودهم لانتزاع آلاف الألغام الموجودة قد يكون ضرورياً، لكن دعنا نعكس السؤال لمرة واحدة، نحن مرجعيتنا جنيف، وهو ينص على وجود هيئة حكم انتقالى، والتغيير الديمقراطى الجذرى والعميق، ودعنا نسأل النظام نفسه هل تقبل أن تكون فعالاً وإيجابياً فى الفترة الانتقالى وتراعى المصالح الوطنية السورية وتسمح لسوريا أن تجد لنفسها غداً جديداً، ديمقراطياً وتكون فعالاً فى ذلك أم أن المشكلة الأساسية أن هناك عنصراً من الثقة ما زال مفقوداً بين النظام والقوى الوطنية؟ ولذلك تجد أن المعارضة ترى أن النظام قادر على التلاعب بالفترة الانتقالية، ولذلك نحتاج ضمانات وإطاراً سياسياً محكماً، وللأسف القضية السورية ليست فى يد السوريين وحدهم.
«النجارى»: الوضع تطور باتجاهات أقرب إلى الحرب الأهلية وتخطينا حاجز الـ 250 ألف قتيل.. وما يهمنا تحقيق انتقال من خلال عملية سياسية منظمة
■ «مسلم»: البعض من المجتمع الدولى يقول نترك أمر الأسد للشعب؟
- جمال سليمان: أى شعب.. الشعب الذى يركب مراكب اللجوء، أم الشعب الذى فى المخيمات، أم الشعب الذى تحت سيطرة داعش والنصرة الآن، أم الشعب الذى تحت سيطرة النظام، إذا واحد كتب نكتة على «فيس بوك» يمكن أن يختفى للأبد.
■ «مسلم»: ننتقل إلى السفير نزيه النجارى، نائب مدير مكتب وزير الخارجية، ونسأل عن الموقف المصرى تحديداً من الأسد؟
- «النجارى»: الموقف المصرى يتم التعبير عنه فى مناسبات مختلفة، وهذه فرصة لتوضيحه، الموقف المصرى يدعم تطلعات الشعب السورى منذ البداية عندما كانت المظاهرات مظاهرات سلمية تعبر عن المطالب الوطنية، ومع الأسف الوضع تطور باتجاهات هى أقرب للحرب الأهلية وتدخلت عوامل كثيرة، ودخل مقاتلون أجانب وسلاح يأتى من جهات مختلفة، وأصبح الوضع هناك يغلب عليه الطابع العسكرى ونحن نؤمن أنه لن يتم حسم الوضع بالأساليب العسكرية، لأن هناك طرفين يتصارعان ولكل منهما قدرات عسكرية تسمح فى تقديرنا بأن تستمر هذه الحرب ربما إلى ما لا نهاية، بما يؤدى إلى تدمير البنية التحتية وفناء السوريين، نحن الآن تخطينا حاجز 250 ألفاً من القتلى وملايين المهاجرين، وهذا الوضع لا يمكن أن يستمر، من خلال تحقيق تطلعات الشعب السورى وغيره من الشعوب فى المنطقة، وما يهمنا أن يكون هناك انتقال وعملية سياسية منظمة، وإذا كان هناك تغيير مطلوب وبالتأكيد التغيير مطلوب فى الوضع السياسى، فما نخشاه أن تقع سوريا فى يد قوى متطرفة، فهناك حاجة لعملية سياسية تشغل مساحة وتسحب البساط من العملية العسكرية، والصراع العسكرى الذى يسود.
■ «مسلم»: ماذا عن وضع الأسد فى الفترة الانتقالية؟
- «النجارى»: نحن نستند إلى مواقف السوريين، ونحن بناء على طلب عدد من القوى السياسية مثل الشخصيتين اللتين تشرفانا فى الصالون، استضفنا اجتماعاً فى القاهرة مؤخراً وجمع قوى سياسية عديدة حوالى 160 شخصية سياسية جميعهم من المعارضة، والاجتماع خرج عنه طرح سياسى أو خارطة طريق تقدم به هؤلاء المعارضون، ونحن بشكل عام نتفق مع الخطوط العريضة لهذا الطرح، وهو يقدم الحل السياسى على الحل العسكرى.
■ «مسلم»: ما ردك على تساؤل الفنان جمال سليمان.. أى شعب؟
- «النجارى»: عندما يكون هناك حل سياسى بدأ ينفذ على الأرض، ووفق وثيقة جنيف وخارطة الطريق وبيان فيينا كلها تتحدث عن حل سياسى يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالية تشمل قوى حكومية ومعارضة، وهذه الهيئة ستكون مقبولة لدى قطاع واسع من الشعب السورى، وهو يتوافق مع طرح المعارضة وما يتبناه المجتمع الدولى، وستصبح هذه الهيئة قادرة على إعادة اللاجئين وإعادة استقرار سوريا، وسيكون من الممكن تنظيم انتخابات ومشروع دستور، وصعب أن نتصور إجراء انتخابات الآن، لأن الوضع الحالى وضع صعب، ويجب إعادة الاستقرار وإعادة اللحمة بين السوريين وبما يسمح بالحل السياسى، والتعبير عن توجهات وطموحات الشعب السورى.
الفنان السورى: العالم يرى أن «الأسد» يمثل أزمة.. وإذا اقتضت مصالح الدولة السورية أن يرحل فعليه أن يذهب فوراً.. والروس يقولون إنهم حريصون على وحدة التراب السورى.. ونريد أن يترجم ذلك إلى خطوات
■ «مسلم»: السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، هل ترى أن المشكلة فى الأسد؟
- هانى خلاف: أحيى جرأتك على طرح السؤال الذى تجنبت 17 دولة ومنظمتان دوليتان الدخول فيه، نظراً لحساسيته، ويبدو أن المجتمعين فى فيينا وضعوا مؤشرات تدل على أن الجميع يضع حساباً لهذا الموضوع الشائك والحساس، وهناك تسميات معينة أطلقت لوصف الحكومة المطلوب تشكيلها ضمن الترتيبات الجديدة، بما يجعلها كاملة الصلاحيات وشاملة التشكيل، وعناصرها تكون متنوعة دينياً وعرقياً وهكذا، كما أن الصفات التى انتهى إليها المجتمعون فى فيينا تعطى إجابة واضحة تضمن وجود حكومة ذات صلاحيات واسعة، وغير طائفية، وهذه الصفات وصفت بها الحكومة، بمعنى أنه لن تكون هناك مساحة كثيرة للعب من جانب الأسد حول دوره فى المرحلة الانتقالية، ولكن فى نفس الوقت أتاحت الفرصة لبقاء الأسد، سواء بشكل رمزى أو تاريخى خلال الفترة التى تتم فيها إعادة بناء البيت السورى من الداخل، يمكن أن يسمح به من جانب العناصر الوطنية السورية، المجتمعون فى فيينا وضعوا فى ذهنهم الكثير من الأمور التى تركت للتفاوض، سواء فيما يتعلق بالانتخابات أيهما يسبق الآخر البرلمانية أم الرئاسية، وقواعد العدالة الانتقالية وغيرها، وكذلك الدستور الذى يتم فيه تحديد هويات جديدة للمجتمع السورى سياسياً واقتصادياً والنظم الإدارية للحكم، مع شرط أن تبقى الدولة السورية موحدة وهو الشرط الأول الذى وضعه المجتمعون فى فيينا، وعملوا على إدخال السوريين فى الداخل والخارج فى داخل الناخبين، وسموهم بالمغتربين السوريين خارج البلاد، كما وضعوا آلية الرقابة الدولية أو المتابعة للانتخابات التابعة للأمم المتحدة وهو الحكم الموجود فى كل الانتخابات فى العالم حالياً، وبالتالى الفرص متكافئة.
■ «مسلم»: السفير محمد إسماعيل، هل ترى أن الصراع الدولى هو الذى سيحدد مصير الأسد فى ضوء تمسك الروس به فى مقابل إصرار الخليج والولايات المتحدة على رحيله وتراوح الموقف الأوروبى بين الموقفين؟
- «محمد إسماعيل»: الاجابة عن هذا السؤال تختلف إذا تم توجيهه خلال الشهر الماضى، فهناك مستجدات هى الهجرة واللجوء التى باتت تدق أبواب أوروبا والتدخل العسكرى الروسى المباشر ومؤتمر فيينا الذى شهد حضور إيران ودول أخرى مثل الصين، والنقاط التى خرجت عن البيان التى لا تؤثر على النظام بالسلب بل تعطيه فرصاً للوجود، والهجرة الأوروبية جعلت الدول تستبعد تماماً النموذج الليبى، واستبعاد فكرة التغيير السريع، والنظام كان يجد مصاعب كثيرة جداً وبالتدخل الروسى أكدت روسيا أهمية علاقتها بسوريا، خاصة فى وجود قاعدة عسكرية هى الوحيدة فى المنطقة، فكان لا بد من وجودهم.
«سليمان» خلال حواره فى «صالون الوطن»
■ «مسلم»: هل هم بذلك يدعمون وجود الأسد؟
- «محمد إسماعيل»: صحيح، والنظام أصبح فى وضع أفضل لا شك فى ذلك، وأصبح قادراً على الوجود على الأقل فى المرحلة الانتقالية ويسيطر على جزء كبير من الأراضى السورية.
■ «مسلم»: الفنان جمال سليمان، كيف ترى وضع النظام بعد التدخل الروسى وتدهور النموذج الليبى ومؤتمر فيينا؟
- جمال سليمان: نحن نرى أن النموذج الليبى وأيضاً العراقى يجب أن يأتى فى مصلحة الشعب السورى وأزمته، نحن نريد كمعارضة ألا تدمر بلادنا وتفكك كما حدث فى ليبيا أو أن تعيش حالة من النزيف الدائم كما هو الحال فى العراق. وخلال حوارنا مع الروس كنا نؤكد على الاتفاق على محاربة الإرهاب، ونحن معنيون بسلامة مؤسسات الدولة بما فيها الجيش، فهذا بلدنا قبل أن يكون بلد أى شخص آخر، ونحن معنيون بوحدة التراب السورى، وما جاء فى فيينا من أفكار كان صدى لما اتفقنا عليه فى القاهرة حول شكل الدولة وغيرها من مبادئ، ولكن فيما يتعلق بالحضور العسكرى الروسى الآن، إذا لم يكن مرتبطاً برؤية سياسية للحل العادل، ولا يوجد أحد يرفض أن يعيش الشعب السورى التجربة الديمقراطية التى عاشها بعد الاستقلال من أحزاب داخل البرلمان بما فيها الإخوان المسلمين وكان عددهم ضئيلاً جداً، ونحن نستغرب من وجود الربط بين فكرة مقاومة الصهيونية والقومية العربية والاستبداد، رغم أنه فى تاريخ سوريا الديمقراطية وغير الديمقراطية لا يوجد رئيس قبل بوجود إسرائيل ولا سلخ لواء الإسكندرون، وإذا لم يكن لدى الروس هذه الرؤية فى التغيير الديمقراطى فهى مجرد حرب، سوف تستتبع المزيد من القتال، لأن الروس لم يعطوا لخصومهم انتصاراً سهلاً بدليل بقاء النظام، فهل تعتقد أن خصوم الروس سيعطونهم انتصاراً سهلاً؟ فيجب أن تتطلع هذه الحرب إلى أنه سيكون هناك ضخ لمزيد من السلاح والمقاتلين من كل بقاع الأرض، لذلك لا بد من وجود الحل السياسى، والروس يقولون إنهم لا يتمسكون بشخص الرئيس، وإنهم حريصون على سوريا ووحدة التراب السورى، ونريد أن يترجم ذلك إلى خطوات.
■ «مسلم»: وهل ترى أن أفعالهم تعكس ذلك؟
- جمال سليمان: كان لى لقاء مع نائب السفير الروسى وقلت له إنه ينبغى أن تكون لهم رؤية للحل السياسى وعدم الاكتفاء بالتدخل العسكرى، لأنه سينعكس بشكل سيئ على مجهودكم فى محاربة الإرهاب.
■ «مسلم»: السفير هانى خلاف، هل تعتقد أن التدخل الروسى وزيارة الرئيس السورى إلى موسكو غيرا الموازين؟
- «هانى خلاف»: بالطبع، لكن كنت أتمنى أن ندخل إلى الجوانب المغيبة عمداً أو الناقصة عن نتائج التفاوض والممارسة الدبلوماسية التى تمت فى فيينا.