«عُرابى» و«زغلول» سبقا «تمرد» و«تجرد» فى جمع التوقيعات.. التاريخ يعيد نفسه
حملات جمع التوقيعات التى انتشرت فى الفترة الأخيرة، إما لتفويض الفريق السيسى لإدارة شئون البلاد، أو ما سمى بـ«تمرد» لسحب الثقة من الرئيس مرسى، و«تجرد» لجمع توقيعات أخرى مؤيدة للرئيس، جميعها لم تكن وليدة اليوم، فالتاريخ المصرى حافل بالمواقف التى شهدت تحركات مشابهة، وفقاً لما ذكره الدكتور عبدالمنعم الجميعى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، فخلال الثورة العُرابية عام 1882، جمع عبدالله النديم، خطيب الثورة، توقيعات للإبقاء على الزعيم أحمد عُرابى، وزيراً للحربية بعد أن عزله الخديوى توفيق باشا، الأمر الذى ترتب عليه عودة عُرابى إلى منصبه، كما جمعوا توقيعات أيضاً لعزل الخديوى، وتفويض عرابى بكافة السلطات لانضمام الخديوى إلى الإنجليز بعد احتلالهم مدينة الإسكندرية.
أضاف «الجميعى» أن مصر شهدت أيضاً حركة جمع توقيعات لمطالبة الخديوى عباس حلمى الثانى عام 1908 بإقرار دستور للبلاد، حيث وقف المتظاهرون يهتفون «الدستور يا أفندينا»، وحين ذهب الزعيم سعد زغلول، برفقة عبدالعزيز فهمى رئيس حزب الأحرار، وقابلا المندوب السامى البريطانى لمطالبته بالسفر إلى مؤتمر الصلح فى باريس، والاعتراف بـ«زغلول» ممثلاً للأمة المصرية، رفض، لذا قاموا بجمع توقيعات، لتوكيل «زغلول» للدفاع عن الأمة.
«جزء من التعبئة الشعبية تجاه قضية ما، ولها دلالة عند الدوائر الإقليمية والدولية»، هو الهدف من حركات جمع توقيعات المواطنين، فى رأى صلاح عيسى، الكاتب والمحلل السياسى، موضحاً أنه ليس شرطاً أن تؤدى لنتائج مباشرة، إنما تؤدى بالتراكم، فعلى سبيل المثال استطاعت حملة «تمرد» جمع ما يزيد على المليونى توقيع خلال أسبوع، الأمر الذى كان يحتاج لوقت طويل أيام مبارك.
بعض الصحف اتبعت ذلك الأسلوب النضالى، وفقاً لكلام عيسى، ففى عام 1947 شنت «أخبار اليوم» حملة لتأييد «النقراشى باشا» فى رحلته لعرض قضية مصر أمام الأمم المتحدة، وأرسلت «كوبونات» التأييد للأمم المتحدة، وحين تم اتهام جندى أمن مركزى فى سيناء عام 1986، بقتل عدد من السائحين، وتقديمه للمحاكمة العسكرية، شنت جريدة «الأهالى» حملة لجمع توقيعات من المواطنين للعفو عنه، وبالفعل جمعت حوالى 35 ألف توقيع، وتم تسليمها للقصر الجمهورى.
أما فى عهد الرئيس عبدالناصر، فلم تكن تلك الوسيلة لها وجود، لأن «ناصر» فى رأى عيسى، كان سريع الالتقاط لمطالب الجماهير، وكانت هناك أجهزة لقياس اتجاهات الرأى العام، بينما فى عهد السادات، ظهرت أشكال احتجاجية بديلة لفكرة جمع التوقيعات مثل المظاهرات والمطالبات العلنية.