ليست نكتة بل هى واقعة حكى عنها اللواء عادل الخولى، عضو الجمعية العامة للنقل البرى، وفيها أن تحليل عينات البول الخاصة بعدد من سائقى الشاحنات الثقيلة المتقدمين لاختبار تعاطى المخدرات أثبت أنهم «حوامل». وكشف اللواء السر فى ذلك والمتمثل فى لجوء بعض السائقين إلى استعارة «بول زوجاتهم» وتقديمها أثناء التحليل، خشية ضبطهم وهم متعاطون. من يطالع صفحات مما كتب السابقون يعلم أن هذا الخبر ليس جديداً، فاستعارة العينات عند مواجهة التحليل -أياً كان هدفه- لعبة يجيدها المصريون، ولو أنك طالعت ما حكاه بعض أصحاب السير الذاتية عما مروا به من أحداث فستجد أن استعارة العينات عادة معروفة لدى المصرى «لما بيتزنق» منذ بدايات القرن العشرين. وللعلم لا يتوقف الأمر على عينات البول وفقط، بل يتجاوزها إلى ما عداها. «الراجل حامل!».. خبر طريف ولا شك، لكنه يطرح تساؤلاً أطرف حول كيفية «تهريب البول» بعيداً عن أعين المحللين؟.
«البحث عن دوبلير» أو «الدبلرة» -إذا صح التعبير- حالة شائعة فى الثقافة المصرية. فكم من مرة تم اكتشاف طالب يمتحن مكان طالب آخر فى المدارس والجامعات. وبإمكانك أن تقول إن البحث عن عينة تعليمية سليمة وتقديمها كبديل لعينة معطوبة مسألة منغرسة فى الوجدان المصرى منذ فترة طويلة. ولو أنك شاهدت مسرحية أو فيلم (30 يوم فى السجن)، فستسمع بطل المسرحية «أمشير» وهو يتحدث عن حضوره الامتحان مكان عشرات التلامذة نظير أجر معلوم. يقول «أمشير»: «أنا واخد البكالوريا 16 مرة.. نجحت فى 16 امتحان بكالوريا بأسامى جماعة أغنيا ولاد ذوات.. كنت باخد على كل امتحان منهم 26 جنيه». واستئناساً بما ردده «أمشير» بطل المسرحية الشهيرة يمكن تفسير تعدد السائقين «الحوامل» برده إلى سائق واحد من النوع «الأمشيرى» الكريم الذى تطوع بمنح زملائه الخاضعين للاختبار جزءاً من المخزون الاستراتيجى الذى استعاره من زوجته وتقدموا به للفحص.
فى دنيا الاقتصاد تجد الدبلرة أيضاً، فبين حين وآخر يطل علينا رجل أعمال باسم وثروة هبطت عليه فجأة من السماء، وبمرور الوقت تبدأ الغمزات واللمزات فى ترديد أن هذا الشخص مجرد ستارة للمستر «إكس» صاحب هذه الثروة التى يتم استثمارها. وحتى فى مجال الفن كثيراً ما تجد صوراً مختلفة لـ«الدبلرة». بعض الأسماء الموسيقية الكبيرة تردد منذ زمن بعيد أنها تستعير بعض نغماتها من «دوبلير» يرقد فى الظل، ولا يزيد الفنان الشهير عن نافذة لعرض أعماله. فى كتابة السيناريوهات أيضاً قد تجد نماذج متنوعة لـ«الدبلرة». بعضهم يستعير أفلاماً ومسلسلات عالمية ويقوم باستنساخها كاملة دون أن يشير إلى أنها عمل مقتبس أو مستعار. فى مجال البحث العلمى تجد جرأة من جانب بعض الباحثين على اقتباس بحوث بأكملها، فى إطار ظاهرة معروفة فى حياتنا الجامعية، اسمها ظاهرة «السرقات العلمية». «الدبلرة» فى مصر لا تفنى ولا تستحدث من عدم. ظهرت فى النصف الأول من القرن الماضى، واستفحل أمرها فى النصف الثانى، ومع مطلع القرن الجديد، بدأت أشكالها وألوانها تتنوع حتى وصلت إلى «البول»!.