شونة «الأبعادية» فى دمنهور: «خلطة قمح.. بالتراب والحشرات»
سيارات نقل محملة بأجولة القمح تخترق البوابة الحديدية وتستقر داخل إحدى شون تجميع وتدوير القمح، علامات مرور.. إطارات سيارات النقل الثقيل.. قمح سايب، ملقى على التراب فى كل أنحاء الشونة، تمر السيارات حول القمح المبعثر على أرض الشونة فيتحول إلى دقيق مطحون، بالتراب يتحول لونه من الأبيض إلى الرمادى، وضاعت معالمه على الطرقات.
هذه لقطات حية رصدتها «الوطن» من داخل شونة الأبعادية بدمنهور، عاصمة البحيرة أكبر محافظات إنتاج القمح، داخل الشونة تحفظ الغلال تمهيداً لتوزيعها على المطاحن خلال شهور السنة بعد موسم توريد القمح، قبل توزيع الدقيق على مخابز العيش المدعم.. إلى التفاصيل:
داخل شونة الأبعادية.. الحياة لا تستقر ولا تهدأ، عمال يقومون بتمزيق الأجولة البلاستيكية على الأرض الخرسانية المحملة بكميات كبيرة من الأتربة، مستخدمين «سكاكين»، وهناك آخرون يقومون بتعبئة القمح بأجولة «خيش»، عامل يمسك «مكنسة يدوية» ويقوم بتجميع الغلال المبعثرة حول المكان، فتختلط بها الأتربة وتنفذ إلى الأجولة، تنتظر سيارات النقل الثقيل داخل أرض الشونة لتنقل القمح إلى المطاحن.
يشرح المحاسب حسن الحلوانى، المشرف على شونة الأبعادية، مراحل استقبال وتدوير القمح داخل الشونة، قائلاً: «يبدأ موسم تسويق القمح من بداية مايو حتى يونيو، تبدأ جميع شون القمح فى استقبال القمح المحلى الذى يقوم الفلاحون بتوريده، وتستقبله الشون معبأ فى أجولة بلاستيكية، ونستقبل يومياً حوالى 2000 طن قمح خلال شهر استقبال القمح من الفلاحين، لتصل الكمية إلى 56 ألف طن فى العام».
يضيف: كان القمح يورد إلى الشونة الأول داخل أجولة جوت، لكن يأتى إلينا الآن فى أجولة بلاستيكية، لكن هذه الأجولة ضعيفة جداً، ومع عوامل الهواء والتعرض للشمس تتفكك، ويتناثر القمح على الأرض».
يؤكد «الحلوانى» أن الكميات التى تستقبلها الشونة كبيرة جداً، ولا يستطيع العمال تدوير الكميات كلها، لذا تتزايد كميات القمح وتتكدس داخل الشونة». يتحدث مشرف الشونة عن ضعف الإمكانيات، مؤكداً أن العمالة داخل الشونة قليلة جداً، ولا يوجد «أجولة جوت»، «خيش» كافية لتدوير جميع الكمية، وعدم توفير الأغطية البلاستيكية التى توضع على أجولة القمح لتحميها من المطر ورطوبة الجو، ويؤكد أن المشاهد التى رصدتها كاميرا «الوطن» لا يتسبب فيها العمال ولكن ضعف إمكانيات الشون كلها.
ويضيف: قدمت عدة طلبات إلى المسئولين، ومنهم وكيل وزارة التموين بمحافظة البحيرة، إبراهيم العسقلانى، لمنع التدوير من أجولة بلاستيك لجوت، واستقبال القمح من الفلاحين فى أجولة «جوت» عند توريده، وعدم تدويرها، وأن ترسل للمطاحن بشكل مباشر، وهذا يوفر المبلغ الذى تدفعه الدولة على الأجولة الجوت، وتمنع إهدار كميات كبيرة من القمح، واختلاط الأتربة بالقمح، لكن المسئول رفض اقتراحى».
ويوضح المشرف على شونة الأبعادية، أن القمح المستورد يأتى من الخارج ويحفظ بالصوامع الأفضل حالاً من الشون المفتوحة، ولا يتم تدويره ولا يتم فتح الأجولة إلا على فوهات المطاحن.
وجدنا أطناناً من القمح بلا أغطية تحميها من عوامل الجو، ومع دخول موسم الشتاء، أصبحت هذه الأطنان معرضة للتلف من جراء الأمطار والهواء، سألنا مشرف الشونة: ماذا سيحدث لو ساءت الأحوال الجوية وسقطت الأمطار على القمح؟ فأجاب: «أنا غير مسئول وكل المسئولين فى الحكومة بداية من وزير التموين حتى وكيل وزارة التموين بالبحيرة مسئولون عن وقوع هذه الكارثة، لأن كلهم يعلمون أوضاع الشونة، وأنا خاطبتهم ولم يتحرك أحد».
أيضا لا يخلو موسم توريد قمح لشونة الأبعادية من تحرير محاضر بوجود كميات كبيرة من القمح الفاسد، فى شهر يوليو عام 2011، حررت مباحث التموين بالبحيرة محضراً بوجود أكثر من 500 طن قمح، تحتوى على الأتربة والسوس داخل شونة الأبعادية، وفى عام 2013 حررت مباحث التموين محضراً بحوالى 2000 طن غير صالحة وبها إصابات حشرية، بالإضافة إلى 15000 طن لم يتم تدويرها فى أجولة جوت لحمايتها من عوامل التعرية.
مشرف شونة الأبعادية كشف أن الكميات التى تم ضبطها وتحتوى على سوس وأتربة، تم صرف 300 طن تقريباً منها، وذهبت للمطاحن، وتم توزيعها، كما تم تبخير وعلاج بعض العينات التى أصيبت بالحشرات».
ويشرح «الحلوانى» طريقة معالجة القمح المسوس، موضحاً أن هناك أقراصاً يتم وضعها داخل كميات محددة من القمح، لتمنع الإصابات الحشرية ونمو السوس.
ويضيف: «القرارات الوزارية تتسبب فى إهانة غذاء الشعب، وإهدار 15% منه واختلاطه بالأتربة».
لكن لا ترتبط أزمة القمح غير المطابق للمواصفات، بشونة الأبعادية فقط، وامتدت لعدة شون أخرى بمحافظة البحيرة، حيث أفادت مستندات، بتحرير محاضر خلال عام 2013 بعشرات الأطنان من القمح بشونة نظير بكفر الدوار وشونة عزبة حمدى بشبراخيت.
ويقول المقدم وجدى الصيرفى، مدير إدارة شرطة مباحث تموين البحيرة إنه تم تحرير محاضر عديدة لشونة عزبة حمدى، التابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعى، فرع شبراخيت فى عامى 2013 و2012، بسبب إهمال تخزين القمح وعدم تدويره فى أجولة «خيش»، وتركه مبعثراً على الأرض ومعرضاً للأتربة مما تسبب فى تلف كميات كبيرة، اكتشف بداخلها حشرات و«سوس» وثقوباً.
ويضيف «الصيرفى»: تم تحرير المحضر 21129 جنح مركز كوم حمادة بـ200 طن قمح بشونة مركز كوم حمادة، كما تم ضبط 6090 طناً معرضة للتلف على أرضيات شونة كفر الدوار بمحضر رقم 9247، كما حرر محضر بـ160 طناً جنح الدلنجات برقم 18497 لسنة 2012.
اخبار متعلقة
القمح ثروة مصر المهدرة
عمال طحن: نستقبل قمح الشون مخلوطاً بالفئران الميتة
«السلامونى»: اتفقنا مع «التموين» على إنشاء 42 صومعة جديدة
رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى: نعمل على بناء 15 صومعة معدنية
«الصوامع المعدنية».. الطريقة الصحية لحفظ القمح دون فاقد
خبراء: سوء التخزين يهدر 20% من الناتج المحلى