القطاع العام.. فى امتحان «الاكتتاب»
منذ عقود ومع بدء تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى فى أوائل التسعينات، وما صاحبه من انطلاق لقطار «الخصخصة» وتوجه الدولة للتخلص من القطاع العام باعتباره «إرثاً» لحقبة «عفا عليها الزمن»، بدأت رحلة شركات الدولة -التى ارتبطت بالعهد الناصرى- فى البحث عن «أب شرعى». عشرون عاماً أو يزيد والقطاع العام بشركاته التى يبلغ عددها 149 شركة تدار من خلال 9 شركات قابضة، يئن تحت وطأة «الإهمال» والرغبة فى التخلص من جانب دولة قررت الاعتماد على القطاع الخاص ونظريات السوق الحرة فى إدارة وبناء اقتصادها.
وفى الوقت الذى فشلت فيه الحكومات المتعاقبة، سواء حكومات ما قبل ثورة يناير أو ما بعدها، فى رسم «خارطة طريق» واضحة المعالم فى التعامل مع شركات القطاع العام، كانت الأفكار والمقترحات لا تتجاوز دراسات وأوراقاً لا تغادر أدراج مكاتب الوزراء، وربما كان المقترح الأبرز هو مقترح وزير الاستثمار الأسبق فى عهد «مبارك» د. محمود محيى الدين، بطرح الشركات الحكومية للاكتتاب العام وبيعه بـ«الصكوك الشعبية».
اليوم يعود السياسى الوفدى الذى أصبح وزيراً للتجارة والصناعة والاستثمار منير فخرى عبدالنور ليعيد للأذهان مقترح «محيى الدين» بعد تصريحاته بإمكانية طرح الشركات الحكومية للاكتتاب العام بهدف تمويل عملية إعادة هيكلتها، خاصة فى الوقت الذى يتفاقم فيه عجز الموازنة العامة للدولة. وعلى الرغم من عدم قيام «عبدالنور» بتوضيح أو شرح مقترحه، فإن الآراء تباينت حول الفكرة، ما بين رافض لها بسبب عدم جدوى طرح شركات خاسرة للاكتتاب العام سيعزف عنها المستثمرون، وما بين مؤيد بتحفظ بشرط وجود منظومة متكاملة وواضحة لإعادة هيكلة شركات القطاع العام ككل، وبين هذا وذاك تستمر رحلة شركات الحكومة فى البحث عن «أب شرعى».