إيجابيات "الحظر".. انخفاض أمراض الشعب الهوائية والسدة الرئوية
أطباء: الأمراض الصدرية مرتبطة بتلوث الهواء ولم نعد نرى مرضى "الحساسية"
الدكتور عصام المغازي، رئيس جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر
في الوقت الذي شكل فيه ظهور وانتشار فيروس كورونا كابوسا بالنسبة للكثيرين، جاء انخفاض نسب التلوث الذي صاحب الحظر الذي تم فرضه عالميا ومصريا لمنع انتشار العدوى، ليقلل من الأمراض الأخرى المرتبطة بالتلوث وعلى رأسها الأمراض الصدرية والتنفسية، وذلك حسبما يرصد أطباء وخبراء في الصحة البيئية وتلوث الهواء.
ويؤكد الدكتور عصام المغازي، استشاري الأمراض الصدرية، ورئيس جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر، أن هناك انخفاضا وقلة ملحوظة خلال الفترة السابقة بالفعل في حالات الأمراض الصدرية، غير الكورونا.
وفي محاولته لتفسير هذا الانخفاض، قال "المغازي": "إنه يمكن إرجاعه لسببين أحدهما قلة التلوث في الجو وعدم خروج الناس للشارع، وقلة عوادم السيارت نتيجة للحظر، وهو الأمر الذي من المنطقي معه أن تقل الأمراض الصدرية مثل الربو والنزلات الشعبية".
أما السبب الثاني المحتمل، وفقا للمغازي، فهو "أن كورونا أصبح سيد الموقف، وأي شخص يمرض الآن يدعي لله ألا يكون هذا المرض كورونا، وينسى أي شيء أو مرض آخر، كما أن معظم المستشفيات الآن أصبح تركيزها على كورونا، والأمراض الأخرى غالبا لا تأخذ حظها، ومرضى الأمراض المزمنة مثل الربو الشعبي والسدة الرؤية المزمنة غالبا ليس لهم مكان في المستشفيات الآن، حسب تأكيده.
وأضاف رئيس جمعية أمراض الصدر: "معظم الدكاترة الآن يعملون أونلاين، وكل الاستشارات حالات كورونا، ولم يعد هناك مرضى يشتكون من حالات أخرى، حتى أن زميل لي كتب بوست كوميدي يقول فيه "أخيرا جاء لي مريض ربو شعبي"، مشيرا إلى أنه كاد أن يقوم ليأخذه بالحضن، وزميل آخر كتب أيضا "أخيرا شوفت مريض درن (السل) من ساعة كورونا ما ظهرت، متسائلا بسخرية: "أين أيام الدرن الجميل، حيث كان الدرن مرضا يثير الخوف، أما الآن فلم يعد يخيف مثل الكورونا".
لكن أيا ما كان الأمر، يؤكد "المغازي" أن هناك علاقة مؤكدة بين انخفاض نسبة التلوث وانخفاض نسبة الأمراض الصدرية، قائلا:"نسبة الأمراض الصدرية تقل مع قلة نسبة التلوث، حيث إن أهم الأمراض الصدرية وهي الربو الشعبي والسدة الرؤية، مربوطين بتلوث الهواء والتدخين أيضا، وحتى موضوع التدخين أصبحت هناك نصائح بالتوقف عنه لارتباطه بكورونا".
وفي السياق نفسه، يقول الدكتور محمد عبد المجيد، استشاري الأمراض الصدرية ومدير مستشفى صدر العباسية سابقا: "لا توجد لدى إحصائيات طبعا، لكن ما ألاحظه بشكل شخصي أن مرضى حساسية الصدر أو السدة الرئوية، كانوا يصابون بأزمات كثيرة ولم نعد نراهم هذه الأيام".
ويضيف "عبد المجيد": "إذا كنا لا نستطيع أن نحكم بما إذا كان السبب التلوث أم أنهم يخشون الذهاب للعيادات هذه الأيام، إلا أن هناك مؤشرات رسمية تشير إلى أن التلوث قل في العالم كله وليس في مصر فقط، وهذه من الأشياء الإيجابية التي ارتبطت بكورونا، وإن كان العالم، ومصر من ضمنه يتجه الآن، للعودة للحياة الطبيعية مرة أخرى، ومن ثم سيتعرض الناس للتلوث مرة أخرى، وسيبدأ المرضى يعودون للعيادات مرة أخرى"، على حد قوله.
وأكد "عبد المجيد" أن هناك ارتباطا علميا مؤكدا بين نسبة التلوث والأمراض الصدرية، مشيرا إلى أنه مع ارتفاع نسب التلوث في السنوات الأخيرة بدأنا نلاحظ زيادة في الأمراض الصدرية، وظهور أمراض جديدة لم نكن نرها من قبل وكلها لها علاقة بالتلوث، مثل تليف الرئتين".
وأضاف، تأكيدا للعلاقة بين التلوث والأمراض الصدرية: "هناك مرضى كنا نعالجهم في عيادتنا لكنهم لم يكونوا يشفون رغم أنهم كانوا يأخذون أدوية مرتفعة جدا في أسعارها، وفي المقابل كان هناك مرضى بسطاء جدا، ولكن مجرد ما يدخلون مستشفى صدر العباسية ويأخذون أدوية أرخص بكثير يشفون وهم محجوزون داخل المستشفى، وهو الأمر الذي نفسره ببعدهم عن البيئة التي يعيشون فيها، والتي غالبا ما تكون بيئة عشوائية كلها تلوث، في مقابل البيئة الأفضل المتوافرة في مستشفى صدر العباسية، والذي يعتبر مستشفى كبيرا وبه حدائق".
ومن ناحيته، أكد الدكتور ناصر عبد اللطيف رئيس قسم تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث، أن المؤشرات العالمية كلها تقول إن نسب التلوث انخفضت خلال أزمة كورونا، نتيجة للحظر المصاحب له، والمصانع ووسائل النقل والمواصلات التي توقفت، ومن المعروف أن أمراض حساسية الصدر تتأثر بأي تلوث في الجو، وبالتالي يمكن أن نتوقع أنها انخفضت بالفعل مع انخفاض نسب التلوث"، حسب تأكيده.