أب لخمسة أطفال ينعى حاله: الخلفة الكتير «ديون وخسارة وإهدار صحة»
أب لخمسة أطفال ينعى حاله: الخلفة الكتير «ديون وخسارة وإهدار صحة»
«فاروق» يتوسط اثنين من أحفاده
لا يختلف وضعه الاجتماعى والمادى عن شخصية «حسنين»، بطل أول إعلانات تنظيم الأسرة، الرجل الذى أنجب «العيال» فخسر الصحة والمال، كان يظن أن كثرة الأطفال تعكس السعادة والبهجة فى المنزل، وأن كل طفل «بينزل معاه رزقه»، فحرص ألا يتابع إعلانات التوعية التى ظهرت فى أواخر الثمانينات تقريباً، ولا يشغل باله بها، وإذا صادف «فاروق» الإعلان يضرب كفاً بكف وعلى ملامحه تظهر علامات الاستياء: «فيه حد يرفض نعمة ربنا.. كل اللى يجيبه كويس».
«فاروق» ينصح أبناءه بإنجاب طفل واحد: «عشان تقدروا تربوه صح»
مر أكثر من 25 عاماً، على عبارة «الراجل مش بس بكلمته، الراجل برعايته لبيته وأسرته»، الجملة التى ود «عادل فاروق» (55 عاماً) الذى كان يعمل طباخاً فى الأفراح والمناسبات، لو سمع بها قبل ذلك، حتى يعمل بها، فإنجاب 5 أبناء ترتب عليه عواقب كثيرة، خاصة أثناء وعقب ثورة 25 يناير، ومن ضمنها عدم قدرة الأب الخمسينى على توفير نفقات التعليم إلا إذا اقترض من أحد أشقائه أو صديق على وعد برد المبالغ عندما يعثر على وظيفة جديدة لكن دون جدوى: «كنت الأول بشتغل، والحياة كانت رخيصة، بصرف وببعزق كمان، ومقدرش أقول للعيال لأ.. دول ظهر وحيطة أتسند عليها لما أعجز، لكن دلوقتى بمشى جنب الحيط لآخر الشهر، خصوصاً إن مفيش مرتب بيدخل كل أول شهر».
داخل منزل «فاروق»، الذى ورثه هو وأشقاؤه عن أبيهم بمنطقة كفر الزيات فى محافظة الغربية، يجلس الأب الخمسينى على كنبته المفضلة وإلى جواره عكازه المعدن ومن حوله أبناؤه الخمسة، فقدماه اليوم لا تحملانه بسبب مرض السكر والضغط، وآلام المفاصل التى لم يفلح فى علاجها، موفراً لأبنائه ثمن العلاج: «لو كنت بصحتى كان زمانى عرفت أربيهم، ولا قطعت من نفسى ومن صحتى وكنا هنعيش مرتاحين»، بكاءً على الأطلال يتذكر «فاروق» كيف كان فى أواخر التسعينات قبل أن يتزوج وينجب الأبناء، فكان يعمل ويمارس رياضة الكاراتيه بنادى سكة حديد طنطا، حيث يتمتع بجسد ممشوق ورياضى، لكن بعد إنجاب طفلته الأولى «ياسمين» (17 عاماً)، ويليها بعام «محمد» (16 عاماً) قرر أن يترك هوايته التى لم تستمر للاحتراف ليبحث عن وظيفة إضافية تحسن دخله: «العيال عيانة، عاوزين لبس العيد، شوية وجات المدارس، بعدها مصاريف الدروس، بنتى الكبيرة كل يوم بتاخد درس وأخوها كمان ولولا الفلوس اللى بتجيلنا مكنتش عرفت أعيّشهم ولا حتى أعيش». برغم حرص الرؤساء الذين عاصرهم «فاروق» على تحديد النسل، عن طريق عدة وسائل أبرزها خطابات أو حملات توعية وخاصة الرئيس الأسبق «مبارك» إلا أن الرجل الخمسينى اعتاد ألا يشغل باله بتلك الإعلانات: «معرفش عنها حاجة ولا كنت بشوفها، حتى المدام مكنتش فاضية إلا لشغل البيت وتربية العيال، وما دام أول 4 سنين مشيوا كويس هنشيل هم ليه.
يتمنى الأب الخمسينى أن يكون حظ أبنائه الخمسة «ياسمين، محمد، بدور، فرحة، على» أفضل من حظه، خاصة فى الوقت الذى ارتفعت قيمة كل شىء بخلاف الإنسان، وفق قوله، ولأنه لا يستطيع أن يعود بالزمن إلى الوراء لينجب طفلاً أو اثنين فقط، قرر أن ينصح أبناءه من واقع خبرته وليس الإعلانات التى لم يشاهدها طوال حياته قائلاً: «فرحتكم بأول عيل ولد ولا بنت زى آخر عيل، بس الفرق إن الخلفة الكتير مصاريفها تقطم الوسط، لازم حد من البيت ييجى على نفسه عشان الباقى يعيش، أما لو الكل اعتدل هنعيش مرتاحين وهناكل ونشرب ونلبس من غير ما يكون علينا ديون».