مجموعة من الشباب حصلوا على قطعة أرض فى واحة المغرة، ولمن لا يعرفها هى منطقة تبعد عن جنوب مدينة العلمين بنحو 70 كيلو وينطبق عليها المثل الشعبى «تُربط فيها القرد يقطع»، بمعنى أنها صحراء قاحلة جرداء لا زرع ولا ماء وإن وُجد فإنه مالح.. ولكن الشباب خلال عشر سنوات تغلبوا على كل هذه الصعاب وحفروا الآبار واستصلحوا وزرعوا ثم تقدموا للجهات المعنية لتقنين وضعهم فإذا بلجنة التسعير تطبق عليهم القانون 144 لسنة 2017.
بعض الإعلاميين (733 أسرة) حصلوا على أرض فى طريق الواحات عام 1999 بتخصيص رسمى من الدولة بمنطقة تسكنها الأشباح ولكنهم كانوا سبباً فى تعميرها، وبعد حصولهم على موافقة القوات المسلحة وجميع الجهات المعنية لإنهاء إجراءات التمليك طالبوا مراراً وتكراراً بتقنين وضعهم وسداد المستحقات المطلوبة منهم دون استجابة، بل فوجئوا بالبلدوزرات تهدم زراعاتهم ومبانيهم وأحلامهم ثم تفرض وزارة الإسكان عليهم القانون 144 لسنة 2017.
إيه حكاية القانون «144 لسنة 2017»؟
إنه قانون «تقنين وضع اليد على الأراضى» وهو جائر وظالم وتعجيزى وسوف يسهم فى زيادة الاحتقان الاجتماعى لأن هدفه جمع الأموال فقط بصرف النظر عن مصلحة المواطن، والمفترض أن يكون هدف الحكومة -أىّ حكومة- هو إسعاد مواطنيها والسعى لخدمتهم فلسنا فى حلبة مصارعة لا بد فيها من فائز وخاسر.
يجب أن يكون هناك توازن بين حقوق الدولة والأفراد، وليس من الحق والعدل والمنطق والقانون والشرع القول بأن مواطناً قام بتعمير الصحراء وأنفق عليها ما يملك من أمواله وعمره وصحته أن ترفض الدولة تقنين وضعه أو تعتبره غاصباً وتهدم زراعته ثم تطبق عليه أسعار اليوم على أرض كانت فى حيازته وبتخصيص رسمى منذ عشرين عاماً وترزية القوانين يعلمون أن القانون لا يطبق بأثر رجعى إلا إذا كان فى صالح المتهم، أى المواطن.
القانون 144 الظالم يستنزف أموال المواطن فى تقديم طلبات التقنين ثم المعاينات والأوراق ثم يعطى لجهة الإدارة سلطة مطلقة فى تسعير أرضه وقبول أو رفض طلبه. ولأنه قانون ظالم ومنذ صدوره العام الماضى لم يشجع المواطنين للتقنين على أساسه مما اضطر وسوف يضطر مجلس الوزراء إلى تجديد مواعيد العمل به كما أن هناك مطالب برلمانية بإلغائه بالإضافة إلى دعاوى قضائية بعدم دستوريته.
هدف أى قانون هو خدمة المواطنين ورعاية مصالحهم وأيضاً الحفاظ على حقوق الدولة وهذا القانون لم ولن يحقق لا هذا ولا ذاك فلن يتقدم أحد للتقنين على أساسه وبالتالى لن تحصل الحكومة على الموارد المطلوبة بل يخصم من رصيدها فى الشارع؛ لذلك أتمنى مراجعة نفسها وليس عيباً أن تعدّله أو تلغيه نهائياً فهو ليس مقدساً، وإرضاء المواطنين أهم من القوانين، كما أتمنى أن تعلم الحكومة أن الأرض هى وسيلة للتنمية وليست سلعة للتجارة، ودون تعميرها لا قيمة لها بل مجرد حفنة رمال وتراب، وأن الأرض ملك للمواطن الذى يعمرها ويُستشَهد من أجلها، وأننا دولة أكثر شىء فيها الأراضى فما زلنا نعيش على 8% أو أقل من أرضنا ومن يفكر فى تعمير الصحراء يستحق كل الدعم والمساعدة وأن نصنع له تمثالاً فهو بلا شك أفضل مليون مرة من الذين حوّلوا الأراضى الزراعية إلى كتل خرسانية وملاعب رياضية ومن الذين حولوا الجراجات إلى كافيهات ومراكز دروس خصوصية، كما أنه يجب التفرقة بين من يستصلح ويزرع وينتج وبين من يحول الأرض إلى منتجعات سياحية وسكنية.
أتمنى تدخل الرئيس السيسى لوقف العمل بهذا القانون الظالم ومحاسبة المشاركين فى صياغته لأن نواياهم سيئة ويسعون إلى الوقيعة بين الشعب ورئيسه.. وتحيا مصر.