«كريمة العبادية» تزاحم «أجاويد» أسوان فى محاولات الصلح
وسط الأحداث الدموية التى شهدتها منطقة السيل الريفى الشعبية التابعة لدائرة قسم ثان أسوان، لم تهدأ «كريمة العبادية» المرأة الخمسينية، رئيس جمعية التنمية الاجتماعية للمرأة الأسوانية، عقدت جولات وصولات فى محاولة منها لرأب الصدع وتهدئة الوضع المحتقن بين الطرفين، حيث تزامنت تحركاتها وسط أمهات الضحايا مع مجهودات «الأجاويد» من شيوخ وكبار وعواقل القبائل العربية بمحافظة أسوان وهم أعضاء لجنة «تقصى الحقائق العاجلة» التى أمر بتشكيلها المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، حيث تجرى اجتماعات متواصلة للتهدئة ونجحوا فى فرض الهدنة لمدة 3 أيام حتى يتم دفن الجثث والتقاط الأنفاس ليفتحوا تحقيقاً موسعاً عاجلاً فى الأحداث والوقوف على الخطوط العريضة، ووسط هذا نجد امرأة أسوانية تزاحم الرجال فى محاولة التهدئة لتتصدر بعض المشاهد. كريمة العبادية المرأة الخمسينية، رئيس جمعية التنمية الاجتماعية للمرأة الأسوانية، مقيمة بمنطقة الشيخ هارون، أحد الأماكن القريبة من الطرفين حيث يسكن فى شارعها النوبى والهلالى، تعتبر نفسها أماً لكل الأسوانيين، لا سيما أبناء العبابدة وهى إحدى أكبر القبائل الموجودة بأسوان. بعد ذهابها وإيابها بين أبناء القبيلتين، ووسط الطلقات النارية وركام النيران، تجاوزت «العبادية» الدروع البشرية الخاصة بكل طرف، ببطاقة مرور، المحبة والاحترام، التى زرعها وضعها الاجتماعى فى قلوب المحيطين بها، ذهبت للنسوة من الطرفين لمواساتهن على فقد أبنائهن، لتحاول أن تكون همزة وصل للتهدئة حتى لا يزيد نزيف الدماء بين القبيلتين.
تقول العبادية لـ «الوطن»: أنا صعبان علىَّ الدماء اللى شفتها فى الشوارع وعلى جدران المنازل وفى المشرحة والمستشفى الجامعى، وأنا لا أعلم ما هو السبب الحقيقى وراء هذه المشاجرة والتى تطورت لتترك وراءها 25 قتيلاً من الطرفين، فالعين لا تستطيع أن تخفى الدموع خاصة حين أرى أماً ثكلى ورجلاً ضاع حلمه بعد أن رأى أولاده الذين كانوا سنده الحقيقى فى الحياة، ضاعوا أمام عينيه، فهناك طرف غير معلوم هو المستفيد الأول من هذا الوضع المحتقن. لن نرمى لومنا على أحد، ولكن سننتظر الساعات والأيام المقبلة لنكشف الستار عن الحقيقة المرة التى أودت بحياة أغلى الشباب من الطرفين. وتابعت رئيس جمعية التنمية الاجتماعية للمرأة الأسوانية: «حين زرت المصابين من الطرفين ورأيت الدماء والألم والمرارة لديهم ذرفت دموعى ولم أتمالك أعصابى، فهم أبناؤنا والدم حرام، فنحن أبناء وطن واحد وأرض واحدة نقف مع بعضنا فى الفرح والحزن، فأبناء النوبة يشاركون بنى هلال فى أحزانهم وأفراحهم، تماماً كما يحرص «الهلايل» على مجاملة أبناء النوبة فى مناسباتهم، كما أن الطرفين متداخلان مع بعضهما البعض فيقيمون فى شارع واحد بل حارة واحدة وإن صدق القول فهم يسكنون فى عمارة واحدة، الكل سواسية أبناء لمنطقة واحدة هى السيل الريفى. وأضافت «العبادية» أنا واثقة تمام الثقة أن النوبى والهلالى وقفوا يداً واحدة أيام ثورة 25 يناير ليحموا منازل بعضهم البعض، بل أيام ثورة 30 يونيو الكل وقف بجوار الثانى ليحمى ميدان الشهداء من بطش الأعداء الذين يعملون فى الخفاء، فحين يقتتل الطرفان فهى كارثة حقيقية، وننتظر عدالة السماء أن تقتص من الجانى وأن تعيد الحق للمظلوم.
وطالبت فى نهاية حديثها لـ «الوطن» بأن يكون هناك دور فاعل للمرأة الأسوانية فى المصالحة والتهدئة بين الطرفين، لأن المرأة هى نصف المجتمع.