اللواء أشرف جلال صبري.. أول ضابط شرطة يحصل على رخصة طيار مدني
لواء أشرف جلال
قرار وزارى ثورى، أصدره اللواء أحمد جمال الدين، حين كان وزيرا للداخلية عام 2012، بإنشاء إدارة للشرطة الجوية بالوزارة، وكانت خطوة مفاجئة ومدهشة فى آن واحد، إذ لم يتوقع أحدا فى تلك الظروف المضطربة، إبان بداية حكم الإخوان، أن يصدر قرارا بهذا الشكل، ما يعنى أن ثورة تحديث تشهدها الداخلية، ربما لا ترغب فيها جماعة الإخوان الإرهابية.
أسندت المهمة وقتها، إلى اللواء أشرف جلال صبرى، ليكون أول مدير لإدارة الشرطة الجوية، خاصة أنه صاحب الفكرة المستحدثة، إذ كان يحلم بالطيران وقيادة الطائرات منذ صغره، قبل أن يلتحق بكلية الشرطة، أسوة بخاله اللواء عبد الحميد بدوى، محافظ المنيا الأسبق، لكن حلم تعلم الطيران لم يفارقه، لدرجة أنه ظل يصنع مجسمات الطائرات وهو ضابط.
حلمان واختيار واحد
أتاحت الأقدار إلى اللواء أشرف جلال، الفرصة ليحقق حلمه، ويصبح واقعا يمارسه في حياته بكل حب وسعادة، لكن الوصول إلى تلك النقطة تخللتها وأعقبتها ذكريات وتفاصيل كثيرة، يحكيها لـ«الوطن» أول ضابط شرطة فى وزارة الداخلية يحصل على رخصة قيادة طائرات، وأول مديرا لإدارة الشرطة الجوية بوزارة الداخلية.
يقول اللواء أشرف: «تعلم الطيران كان حلما يراود خيالى منذ أن كنت طالبا فى الثانوية العامة وقبل التحاقى بكلية الشرطة، كان منتهى أملى أن أتعلم الطيران، لذلك اشتركت فى تلك الفترة بنادى الطيران الشراعى بعابدين، وكنت أقوم بعمل نماذج للطائرات الشراعية».
يكمل: «عقب حصولى على الثانوية العامة كانت لدى رغبتان، هما: دخول كلية الشرطة، وتعلم الطيران وقيادة الطائرات، لكنى اخترت كلية الشرطة حتى أكون ضابطا مثل خالى، الذى كان صورة مثالية لضابط الشرطة أمامى، وبعد تخرجى حافظت على ممارسة نفس هوايتى السابقة، وهى عمل نماذج للطائرات، ثم اندمجت فى عملى بالشرطة بعد ذلك».
الحلم الثاني يتحقق في سيناء
بعد سنوات جاءت الفرصة كى يتحقق الحلم الثاني، لم يكن اللواء أشرف جلال صبري، نفسه يتخيل ذلك، يروي: «تخرجت من كلية الشرطة يوم ١٦ يونية ١٩٨٢، وفى عام ١٩٩٢ كنت برتبة رائد شرطة، وأعمل مديرا لمكتب مساعد الوزير لمنطقة سيناء، وكان مقر العمل فى شمال سيناء بمدينة العريش وفى جنوب سيناء بمدينة الطور، وكان العمل بنظام الراحات المجمعة، التى استغلتها فى تعلم الطيران فيما بعد».
يضيف: «شاء القدر أن ينقل معهد مصر للطيران نشاطه العملى بمطار العريش لتدريب الطلبة على الطيران عمليا، وكانت بعثة طيارى وطلبة المعهد تصادف وجودهمم فى نفس الفندق الذى أقيم فيه بمدينة العريش، وتصادقت مع أطقم طيارى معهد مصر للطيران، بدءا من اللواء طيار أ. ح. جلال الدين محمود، الذى يلقب بشيخ الطياريين، وكل من الطيارين علاء عبد الغنى ومحمود كمال ومجدى فوزى، الذين أحيوا الحلم الذى ظل يغازل طموحى منذ الصغر».
بالفعل تمكن اللواء أشرف جلال من الحصول على إجازة طيار مدنى، بعدما أنهى دراسته بالمعهد: «كنت أول ضابط شرطة طيار يحصل على موافقة وزارة الداخلية لدراسة الطيران على نفقته الشخصية فى غير أوقات العمل الرسمية، لأكون نواة للشرطة الجوية في المستقبل، هكذا زيّل خطاب موافقة وزارة الداخلية».
استدعاء وزاري رسمي
يندمج اللواء أشرف جلال، فى عمله بوزارة الداخلية، ثم تتوالى الأحداث بالعمل الأمنى، حتى جاء اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية عام ٢٠١٢، وأعلن إنشاء إدارة الشرطة الجوية بوزارة الداخلية: «تم استدعائى من قبل الإدارة العامة للإعلام والعلاقات، لكى أتحدث عن أهمية إدارة الشرطة الجوية بوازارة الداخلية، ودورها الأمنى المدنى فى ضبط إيقاع الشارع المصرى مروريا، وتأمين الطرق والأفواج السياحية، وغير ذلك من الأعمال المدنية التى تخدم العمل الأمنى المدنى بمصر».
يوضح: «كنت منذ ٢٠١٢ وحتى إنشاء إدارة الشرطة الجوية، أمارس هواية الطيران (كهاو) بالطيران فى عدة دول، مع أصدقاء يتبنون هذه الهواية، وما زلت أمارس هواية الطيران فى زمن الكورونا على السميليتور الصغير، الذى أمتلكه فى منزلى».
رفضت الخدمة تحت راية الإخوان
يواصل اللواء أشرف جلال صبري، سرد كواليس صدور القرار الوزارى بإنشاء هذه الإدارة، الذي بدأ باجتماعات في إدارة التنظيم والإدارة بوزارة الداخلية، وتقديم دراسة متكاملة بمركز بحوث الشرطة بأكاديمية الشرطة، عن الشرطة الجوية ودورها الاجتماعى والأمنى، ومن المفارقات أن تصادف إنشاء إدارة الشرطة الجوية مع صعود جماعة الأخوان الأرهابية عام 2012 فى هذه الحقبة السوداء فى تاريخ مصر.
يروي: «تلقيت الكثير من الانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعى، عقب قيام الإعلام المصرى بنشر بعض أحاديث صحفية لى عن الدور المدنى والأمنى لإدارة الشرطة الجوية، وكانت معظمها مضحك بالنسبة لى، مثل: (شراء طلبات البيت بالطائرة الهليكوبتر - توصيل أفراد العائلة بالطائرة - الذهاب للمصيف بالطائرة)، وغير ذلك من التعليقات السلبية اليومية، وكأنها إدارة طيران خاصة بى».
اضطر اللواء أشرف جلال، إلى اتخاذ قرار مفاجئ: «تقدمت لوزارة الداخلية بطلب إنهاء خدمتى برتبه لواء شرطة، رغبة مني، حتى لا أخدم تحت رايتهم، وقررت اعتزال الحياة العامة، رغم حصولى على دراسات نظرية عليا فى مجال الإعلام، وإدارة الأزمات والكوارث، وتقييم المشروعات وإعداد دراسات جدوى، بعد ليسانس الحقوق وليسانس العلوم الشرطية، وفضلت التوجه للقطاع الخاص لعلى أبدأ حلمًا جديدًا يغازل طموحى بالحياة».