بالفيديو والصور| "ماكس ودعارة وبلطجة" في مدرسة بدمياط.. مرحبًا بكم في "محراب العلم"
"وكر" يجلب إليه تجار المخدرات بضاعتهم وزبائنهم في الليل، وتبقى آثار جرائمهم وخطاياهم بالنهار، ليراها الأبرياء، على حوائطه وأبوابه تسيل دماء المدمنين، وفي ممراته وفناءه الفسيح مخلفاتهم، من مواد مخدرة تسيل في عروقهم، ورماد نار أحرقت صدورهم، أنقاض أسواره تحولت لجراج عمومي، وساحة للباعة والملاهي الشعبية، ليست أرض فضاء، أو مبنى مهجور، إنما "محراب علم" تحول إلى ساحة مدنسة برجس من شياطين الأنس.[FirstQuote]
أطفال صغار، يعدون سنوات عمرهم على أصابعهم، أتى بهم أولي أمرهم لمدرسة الشيخ خضر الابتدائية، بقرية الشعراء، بمحافظة دمياط، من أجل التعليم، لا يفصلهم عن الشارع شيئًا سوى حطام سور، يرون كل يوم مشاهد درامية، لمدمنين يتعاطون المخدرات أمام أعينهم، كما تروي الصغيرة، في أحد مقاطع الفيديو المتداولة منذ أكثر من عام على اليوتيوب، قائلة: "مش عايزة آجي المدرسة تاني، بشوف راجل بيدي لراجل تاني حقنة في دراعة، ودمه بيترتش على الحيطان- ثم تشير بيديها لطريقة تعاطي المدمنين لحقن المكس"، كلمات لم تحرك في المسؤولين شيئا، فبقى وضع المدرسة على ما هو عليه، وكرًا لتجار المخدرات، وموقفًا للعربات "الكارو" والنقل، بل وأيضًا ترتكب بداخلها الأعمال المنافية للآداب، كما أكد أحد العاملين في المدرسة. [SecondQuote]
"حقن مخدرات مرمية على الأرض، وأكوام زبالة في حوش المدرسة، المسؤولين عن المدرسة راحوا فين"، رسالة من ولية أمر إحدى الطالبات، تاريخها 21 سبتمبر 2014، أول أيام العام الدراسي الجديد، عندما رصدت بعينها، أحوال المدرسة، التي سارت من سيء في العام الماضي إلى أسوأ، دون تحرك من أي جهة مسؤولة في الدولة، وهو ما أكده عادل راغب، أحد أولياء الأمور لـ"الوطن"، بقوله: "المدرسة من أخطر أوكار المخدرات في المحافظة، واشتكينا أكتر من مرة للمسؤولين ومحدش عبرنا، ولادنا هيضيعوا في خبر كان، علشان المسؤولين يستريحوا".
حقن ماكس وقمامة في فناء المدرسة
"اشتكوني للوزير، اللي عايز يجيب ولاده المدرسة علي حالها كدة يجبهم واللي مش عاجبه ميجبهمش خالص"، كلمات سمير حسن وكيل وزارة التربية والتعليم لأولياء أمور الطلبة، دون أن يكترث بما رآه من دماء على حوائطها، أو "حقن" تملئ فناء وممرات المدرسة، وهو ما وصفه الدكتور كمال مغيث، الخبير والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، بالتصرف غير المسؤول من وكيل الوزارة، قائلا: "هذا شخص لا يستحق أن يكون في هذا المنصب، فبدلًا من أن يقوم بأداء واجبه، واصطحاب أولياء أمور الطلاب لمديرية الأمن، وإبلاغ المسؤولين، لتطهير المدرسة من عصابات المخدرات، وتأمين الطلاب، فهذا شخص بلا أخلاق".[ThirdQuote]
يواصل الدكتور "مغيث"، حديثه، مؤكدًا أن ما يحدث من فوضى بالمدارس، هو نتيجة منطقية لانهيار منظومة التعليم بمصر كلها، "فلم يعد المعلمين يتقاضوا رواتب يعيشون بها حياة كريمة، فأصبحوا غير قادرين على تعليم الطلاب السلوكيات القويمة، كما أصبحت المدارس مكان متاح لارتكاب كافة المبيقات، وفقدت وظيفتها وقدسيتها".
يشير "مغيث" في حديثه، إلى واقعة مشابهة، حدثت العام الماضي بإحدى المدارس بمحافظة الإسماعيلية، بقوله: "أتقبض على مجموعة في مدرسة بالإسماعيلية، كانت تدار كوكر للأعمال المنافية للآداب والدعارة، فتلك الواقعة ليست الأولى".
حقن ماكس وقمامة في فناء المدرسة
وفي أول رد فعل رسمي، من وزارة التربية والتعليم على الواقعة، قال هاني كمال، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم لـ"الوطن"، إنه لم ترد أي شكاوى للوزارة حول هذه الواقعة، مضيفا: "منقدرش ننفي الواقعة أو نجزم بصحتها، ولكن على أولياء الأمور إرسال مذكرة مكتوبة بشكواهم لتطرح على معالي الوزير، مرفق به الأدلة والصور التي تؤكد الواقعة، لكي يتم التحقيق فيها".
ويشير المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، إلى إنه في حال التأكد من الشكوى، بعد التحقيق، سيتم محاسبة المسؤول بالمنطقة التعليمية محل الشكوى، بحسب مدى تقصيره في أداء واجبه، وإن الجزاء سيكون على قدر التقصير، وقد يبدأ من الخصم وحتى الوقف عن العمل، وقد يصل إلى الفصل النهائي من الخدمة، وإذا ثبت أن هناك واقعة مخالفة جنائية من المسؤول سيقدم لمحاكمة عاجلة أمام القضاء.
عدد آخر من المواطنين بمحافظة دمياط، أكدوا من خلال صفحة بعنوان: "وزارة شباب وبنات دمياط"، وأخرى بعنوان "ويكليكس التربية والتعليم"، إن هناك مدارس أخرى بنفس القرية، يوجد بها ذات الأمر كمدرسة "الشعراء الابتدائية المشتركة"، وهو ما يؤكد أن الكارثة تتفشى، وتهدد بتحويل المدارس من أماكن لتلقي العلم إلى بؤر إجرامية.