«التلال الخضراء».. تاريخ يتحدث وطبيعة تبتسم للسكان والزوار
أحد مشروعات تطوير حدائق الفسطاط
يتميز موقع مشروع حدائق الفسطاط بوجود معالم تاريخية عديدة تروى حكاية عصور قديمة فى مصر، منها الكنائس القديمة ومعبد بن عزرا اليهودى، ومشهد السادة آل طباطبا ومسجد أبوالسعود الجارحى، إضافة إلى حفائر مدينة الفسطاط القديمة، كما يطل موقع مشروع حدائق الفسطاط على معالم القاهرة التاريخية، أبرزها قلعة صلاح الدين الأيوبى ومسجد محمد على وقبة الإمام الشافعى ومسجد الجيوشى.
وتجاور المناطق التاريخية العريقة المنطقة المخصصة لإقامة حدائق الفسطاط ومعالم طبيعية عديدة أهمها بحيرة عين الحياة التى تكوّنت نتيجة فالق أخدودى فى الأرض، وتلال الفسطاط، وتعتبر عنصراً بيئياً مهماً فى تشكّل الحدائق التى تمثل لوحة طبيعية خضراء وبديعة.
ويحتوى الموقع على مخزون كبير من المياه الجوفية يمكن الاعتماد عليها لتوفير مياه الرى للحدائق، كما تحتوى على بقايا أشجار نادرة، فضلاً عن عدة منشآت ثقافية هامة، منها المتحف القومى للحضارة المصرية، الذى شهد نقل المومياوات الملكية إليه، وأصبح مزاراً عالمياً شهيراً، وبيت القاهرة الذى يمثل مركزاً بيئياً وحضارياً هاماً ومُلتقى لمؤتمرات البيئة، ومركز الفسطاط الحِرفى ومتحف الخزف الذى يسجل الإبداع الحِرفى المصرى ويمثل مركزاً تعليمياً للحرف التقليدية.
أستاذ حدائق: نقطة حضارية بعد التخلص من العشوائية وسيكون الوصول إليها سهلاً
ويعتقد خبراء البيئة أن حدائق الفسطاط تعتبر نموذجاً مهماً لفكرة الحدائق المركزية حيث يمكن تكرارها على مقاييس أصغر لزيادة الرقعة الخضراء وخلق مناخ صحى داخل عمران المدن. ويصف الدكتور السعدى بدوى، أستاذ نباتات الزينة والحدائق بكلية الزراعة جامعة القاهرة، مشروع حدائق الفسطاط بأنه مشروع حضارى فى منطقة كانت تعانى فى السابق الإهمال، ثم حدث تطوير فيها وتم إنشاء منشآت مهمة بها، مثل متحف الحضارة.
واعتبر أن الحدائق المقرر إقامتها فى المنطقة تعتبر طرازاً متقدماً من الحدائق حيث تهدف لإحداث تنمية للمنطقة ككل ورفع مستوى معيشة الناس الموجودين بها.
وأشار أستاذ نباتات الزينة والحدائق، فى هذا السياق، إلى أن سور مجرى العيون الذى كان مهملاً إهمالاً شديداً، تم ترميمه أيضاً فى إطار مشروع حدائق الفسطاط، وتم إزالة المدابغ التى كانت موجودة بالقرب منه وتعمل على تلويث المنطقة، معتبراً ذلك بمثابة نقلة حضارية جيدة جداً تشكل مصدر جذب للسياح، بجانب متحف الحضارة الذى أعرب عن أمله أن يصبح جاذباً أيضاً للمصريين، ليتعرفوا من خلاله على تاريخهم.
ويعتمد مُخطط المشروع على الاستفادة القصوى من الأبعاد التاريخية والبيئية والثقافية والموقع الجغرافى المميز والربط بين بحيرة عين الحياة وساحة جامع عمرو بن العاص، وإعادة تشكيل تلال الفسطاط الحالية إلى مجموعة من المصاطب الخضراء، وإحياء وإعادة المسار التاريخى لقصبة مدينة الفسطاط، وتطوير موقع حفائر الفسطاط كجزء من الحدائق التاريخية، وإيجاد محور شمالى يربط المتحف بشارع صلاح سالم من الحدائق.
وأضاف أستاذ نباتات الزينة والحدائق، الذى كان أحد من خططوا وأشرفوا على تنفيذ حديقة الأزهر الشهيرة، أن حدائق الفسطاط ستكون مكملة لحديقة الأزهر، خاصة أن هناك نحو 14 مليون شخص يسكنون فى القاهرة، بالإضافة لمن يأتون إليها من الأقاليم ومن يأتون للسياحة ويحتاجون لمساحات خضراء كبيرة ومتعددة، مشيراً إلى أن حدائق الفسطاط سيكون الوصول إليها سهلاً، كما هى الحال مع حديقة الأزهر، حيث يمكن الوصول إليها من خلال محور الشهيد الباقر، عبر الطريق الدائرى، ناهيك عن أنه كان هناك تفكير فى أن يكون هناك «تلفريك» يربط ما بين حدائق الفسطاط والقلعة.
وتابع قائلاً: مثلما أن حديقة الأزهر تقع وسط منطقة أثرية بالقرب من الجامع الأزهر ومشيخة الأزهر والقاهرة الفاطمية، فإن حدائق الفسطاط مرتبطة بالمنطقة الأثرية الموجودة حولها، حيث يحدها من الشمال سور مجرى العيون، ومن الجنوب متحف الحضارة، وهى تقع أيضاً بالقرب من بحيرة عين الصيرة ومجمع الأديان.
متخصص فى التراث: منطقة متميزة وستكون متنفساً لـ«القاهرة»
وفى السياق نفسه، قال المهندس الاستشارى حمدى السطوحى، المتخصص فى مجال التراث وخبير تصميم الفراغات العامة، إن القاهرة أصبحت بحاجة شديدة لوجود متنفسات عديدة وليس متنفساً واحداً فقط، وذلك بعد أن تقلصت مساحة «الخُضرة» بها. وبالنسبة لهذا المشروع تحديداً فهو موجود فى منطقة متميزة لها سمات خاصة بالقرب من مجمع الأديان ومتحف الحضارة وعين الصيرة، بما يجعلها متنفساً مهماً ونقطة جذب مهمة جداً.
ودعا «السطوحى» إلى أن تكون هذه المساحات خالية من الأسوار التى تمثل حواجز نفسية قبل أن تكون طبيعية، مشيراً إلى أهمية أن تكون الحديقة مدخلاً لتعديل السلوكيات، ومتنفساً معرفياً لكل فئات المجتمع، تشعر بأنه ملكها ومهتمة به وبالتالى تحافظ عليه.