«الوطن» ترصد قصف الطيران الإسرائيلى لمنزل عائلة «الدلو» التى فقدت 12 شهيداً
مجزرة جديدة تضاف إلى سجل إسرائيل الدامى وجرائم جيشها، أودت بحياة 12 شخصا من عائلة واحدة، كان من بينهم 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين عام ونصف العام و5 أعوام، ووالدتهم، وجدتهم المسنة البالغة من العمر 86 عاما، بالإضافة إلى شقيقاتهم الثلاث فى العشرينات من عمرهن، وما زال البحث يجرى عن شقيقة أخرى تبلغ من العمر 19 عاما.
المنزل ذو الطوابق الثلاثة، تمت تسويته بالأرض عقب استهدافه بثلاثة صواريخ متتالية أطلقت من طائرة «إف 16» تابعة للجيش الإسرائيلى، بحسب شهود العيان، الذين أضافوا أن المنزل الواقع فى شارع النصر وسط مدينة غزة، يمتلكه «جمال الدلو» رب الأسرة التى تمت إبادتها عن بكرة أبيها، على حد تعبيرهم.
وقفنا أمام المنزل، لنجده ركاما، انهار بأكمله على رءوس ساكنيه، بينما لم تسلم البيوت المجاورة من القصف، فتحطم جزء من جدران عدد من المنازل المجاورة، وتناثر زجاج نوافذ عدة بيوت أخرى.
فور وقوع الحادث، هرع جيران «الدلو» للمساعدة، إلا أن حطام المنزل كان يستلزم معدات لرفعه والبحث عن ناجين أسفله، فطلب الجيران آليات وجرافات لإزالة الأنقاض، وبعد دقائق كانت قد بدأت عمليات الإزالة.[Image_2]
استمرت عملية انتشال جثث آل «الدلو» منذ الساعة الرابعة والنصف عصر أمس الأول، حتى كتابة هذه السطور، بحثا عن جثة أخيرة، بينما تم العثور على أول الشهداء، وهو أحد الأطفال بعد مرور دقائق من بدء عمليات الإنقاذ.
كانت أجساد الأطفال والنساء تخرج واحدا تلو الآخر، بينما كانت تنتظر سيارات الإسعاف بجوار الحطام دون فائدة، فقد خرج سكان المنزل إلى غير رجعة.
نقلت جثثهم الهامدة إلى مستشفى «الشفاء» وسط غزة، لتستقبلها تكبيرات من وقفوا ينتظرون من صحفيين محليين وحراس للمشفى وغيرهم، ثم نقلت بعد التأكد من الوفاة إلى ثلاجة الشهداء فى الطابق السفلى.[Quote_1]
هناك كانت كاميرات العالم توثق تلك العائلة التى لم يبق منها سوى شخص واحد، كانت وجوه الأطفال صرعى وأجسادهم مخضبة بالدماء، وبجوارهم جثث مغطاة للشهيدات النساء، وجثتان أخريان لشابين كانا يسيران بجوار المنزل المنكوب.
حضر وزير الصحة فى حكومة حماس المُقالة، الدكتور مفيد المخللاتى، وبجواره مدير المشفى، الدكتور أمين السحلانى، إلى ثلاجة الشهداء لقراءة الفاتحة والدعاء، وقال الوزير: بأى ذنب قُتل هؤلاء الأطفال الآمنون؟ ثم دعا الله أن يمحو إسرائيل وأن تفقد أسرها أطفالهم ونساءهم كما يفقد الفلسطينيون.
أضاف «المخللاتى»، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن هذه جريمة جديدة ارتكبها الجيش الإسرائيلى بحق الفلسطينيين فى غزة، مؤكدا أن استهداف هذه الأسرة نفذ بواسطة صواريخ طائرات «إف 16».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية متورطة فى هذه العمليات العسكرية الموسعة التى يشنها الجيش الإسرائيلى ضد غزة.[Image_3]
وحول ما يحدث من عمليات خلال هذه الأيام ضد غزة، قال «المخللاتى» إن هناك استهدافا للآمنين وهذا يعنى أن الإسرائيليين أعداء الحياة وأعداء السلام، وتابع: «الوقائع تكذب ادعاءاتهم بأنهم يشنون حربا ضد حماس، هم يشنون حربا ضد الإنسانية، ضد البشر، الأطفال يقتلون بدم بارد».
وفى صباح أمس، كانت عمليات الإنقاذ والبحث تتواصل للبحث عن الجثة الأخيرة دون جدوى، كانت الجرافات تبحث بهدوء عن فتاة تحت الأنقاض، بينما تجمهر مئات الفلسطينيين حول موقع القصف، كانوا يرددون فى هدوء آيات قرآنية، وأدعية للانتقام ممن وصفوهم بالمجرمين الصهاينة.
بينما كانت عمليات البحث تتواصل، كان «جمال الدلو» رب الأسرة المنكوبة، على رأس سرادق العزاء الذى أصر على إقامته بالقرب من منزله المدمر، ذهبنا لأداء واجب العزاء، استقبلنا قائلا: «فقدت أسرتى بالكامل، وكل بيوت غزة معرضة للقصف والإبادة، دون أسباب».
أضاف «جمال» أن منزله كان به أطفال وسيدات ولم يكن به أى رجل، وكذب ادعاء إسرائيل بأن البيت كان به أحد المقاومين.
وأكد رب الأسرة أن من حق الفلسطينيين دينيا وإنسانيا أن يكون لهم مقاومة يدافعون بها عن أنفسهم وأرضهم، لكن ليس من حق إسرائيل استهداف الأطفال والنساء، قائلا: «ليس لهم عهد، كان بيننا وبينهم هدنة وكانوا يقصفون بيوتنا الآمنة».
وحول مشاورات الهدنة الحالية، قال «جمال»: «الإسرائيليون يريدون أن يفعلوا ما يشاءون دون أن يحاسبهم أحد، لكننا لا نكره السلام ولا الأمن والاستقرار، نحن نحب الحياة، ونمد أيدينا لكل العالم، لكن اليهود ينقضون العهد دائما، ولا أتوقع أن يحافظوا على الهدنة المقبلة كسابقتها».
وعن حقه فى مقاضاة إسرائيل، قال إنه يطالب مجلس الأمن بالتحقيق فى هذه الجريمة الجديدة التى ارتكبها الجيش الإسرائيلى، مضيفا أنه يطالب الحكام العرب كذلك بأن يقاضوا إسرائيل ويحموا الفلسطينيين.
فوق الأنقاض، كان يجلس «محمد الدلو» عم الأطفال، الذى قال لنا إن ما يحدث يعبر عن حالة التخبط التى يعيشها جيش الاحتلال الإسرائيلى، مشيراً إلى أن جيش إسرائيل يبحث عن أى شىء ليقصفه ويقول لشعبه نحن فى حالة حرب.
وأضاف «محمد» أن جيش إسرائيل لو كان قويا بالفعل كما يدعون فعليه أن يذهب ليحارب جيشا مثله، فليذهب ليحارب إيران أو تركيا، لماذا يقصف ويستضعف الأهالى فى غزة، وتابع: «الجيش الإسرائيلى لعبة كرتونية، ومن يوم ولدت لم أر هذا الجيش من 47 سنة يحارب جيشا مسلحا مثله».