بصراحة ضقت ذرعاً وسئمت محاولات الابتزاز الرخيصة التى نتعرض لها صباح مساء وكشف طرفاً منها مقال الأستاذ وائل قنديل الأخير!
وحتى لا تختلط الأوراق والمواقف، أنا أتحدث عن خمسة عشر عضواً حشدوا أنفسهم لإسقاط الجمعية بطريقة لىّ الذراع وملء الدنيا ضجيجاً، لماذا قبلتم طيلة خمسة أشهر كاملة الاشتراك فى جمعية غير متوازنة على حد زعمكم؟ لماذا قبلتم من اليوم الأول وأنتم تعلمون أن أحكاماً قضائية من المتوقع أن تطاردنا؟ لماذا يقترح السيد عمرو موسى المادة تلو الأخرى ثم يصر على تعديلها أو إلغائها بعد ذلك؟ عن أى سلق للدستور تتحدثون وأنتم قد اشتركتم فى إخراج «كل» مواده حتى لحظة انسحابكم ولم يتبق إلا مراجعة نهائية يضاف بها كلمة هنا أو تحذف أخرى من هناك ثم تحال إلى مرحلة الصياغة النهائية؟
لا بد أن تتحلوا بالشجاعة الكافية لتخبروا عموم جماهير الشعب المصرى أنكم تريدون نكوصاً فى عهدٍ قطعتموه على أنفسكم، ورقة مكتوبة بخط اليد تضمنت المواد المصطلح على أنها خلافية (المواد ٢، ٣، ٤، ٢٢٠) وقع عليها ممثلو الأزهر والكنيسة والتيار الليبرالى والسلفيون والإخوان.. إلخ، فلماذا التراجع ونكص العهود؟
أما من يقبعون خارج أسوار مجلس الشورى ويريدون إسقاط الجمعية فأقول لهم: لو كنتم بالفعل حريصين على هذا البلد وعلى أهله تعالوا بنا نجلس على مائدة حوار نتناول انتقادات محددة لمواد بعينها نسمع منكم اقتراحات تعديلها أو تغييرها، أما أن نظل دائرين فى حلقة مفرغة من «الكربلائيات» والمآتم وإلقاء التهم جزافاً فليس هذا شيئاً نكلف أنفسنا عناء الاهتمام به.
وما كنت أظن أن يأتى علينا يوم نشرح فيه معنى تصويت الأغلبية داخل الجمعية التأسيسية.. لكننا مضطرون لأن أصدقاءنا يوهمون الشعب المصرى بأن ما يجرى داخل «التأسيسية» لا نظير له فى العالم! والحقيقة أن الدساتير حولنا توضع إما بطريق جمعية تأسيسية «تُقر» الدستور مباشرة بشرط موافقة ثلثى أعضائها وإما أن توافق عليه بالأغلبية البسيطة (٥٠+١) ثم يعرض فى استفتاءٍ على الشعب، أما المزج بين الطريقتين فأمر غريب يصر عليه بعض أصدقائنا الليبراليين بتعنتٍ غير مفهوم!
كلمة «التوافق» محببة إلى النفس، لا سيما وقد كثر استعمالها بعد الثورة تعبيراً عن الرغبة فى الوصول إلى حلولٍ ترضى الجميع، لكنها لن تلغى فكرة وجود الاختلاف، هى فقط تنظم التعامل مع هذا الاختلاف، يقولون نسبة الثلثين شرط إذن سيظل ثلث الجمعية له رأىٌ آخر بمبررٍ مقنعٍ من وجهة نظره وسيظل مدافعاً عنه.. لماذا ابتكرت الإنسانية معنى التصويت إذن؟