السيد «سائق قطار».. رحلته تبدأ بـ«البلطجة» وتنتهى بـ«السلف»
عامل بسيط، وجهه مكسو بالعرق، وملامحه تنضح بالمعاناة التى يعيشها يومياً منذ أن ينزل من عربة القطار الآتية من طنطا إلى أن يصل للاستراحة المخصصة لسائقى القطارات.
ثلاثون عاماً هى فترة عمل السيد عبدالغفار، 53 عاماً، سائقاً فى هيئة السكك الحديدية، لم يرَ خلالها أسوأ مما عايشه فى العامين السابقين، من انتشار كل أنواع البلطجة والإهانة من الركاب، إلى جانب عمليات قطع الطرق المستمرة.
برغم المعاناة التى يعيشها السائق البسيط، لكنه تكيف معها، ولم يعد يلتفت إليها كثيراً، إلى أن شاء القدر واستمع إلى تصريح لوزير النقل يؤكد فيه أن السائقين يتقاضون 3000 جنيه راتباً شهرياً، وهو المبلغ الذى لم يدخل جيبه مطلقاً يوماً ما، فإذا بالتصريح المعسول ينزل على قلبه كالصدمة، التى أعادت إلى ذاكرته كل هموم الحياة.
راتب «السيد» عادةً لا يكفى أسرته، ويضطر إلى الاستدانة شهرياً من أجل دروس أبنائه الخصوصية، رغم ذلك فإن حاله أفضل من زملاء كُثر له، يتقاضون راتباً شهرياً هزيلاً لا يتجاوز 700 جنيه، ما يدفعهم إلى مناشدة الآخرين لمساعدتهم دون مجيب.
رحلات «السيد» بالقطار تستهلك من وقته ما يزيد على 20 ساعة، وأحياناً يمكث بالسكة الحديد لأيام كاملة، لا يرى فيها ابنيه «مصطفى وأسماء»، بسبب التظاهرات التى تقطع طرق السكك الحديدية، الأمر الذى فاق الحد وأصبح بإمكان أى راكب أو بلطجى إيقاف القطار فى المحطة التى يريدها، دون أن يجرؤ على الاعتراض عليه، فى ظل عدم وجود أى أفراد أمن.
«السيد» يرفض وصفه بـ«الفلول»، لكونه يرى أن سائق القطار كانت له هيبة أيام الرئيس السابق مبارك، فهو كأى مواطن مصرى يتمنى أن يعيش فى بلد يحترمه، ويحافظ على كرامته، فلو كانت مشكلة ما حدثت للسيد فى عهد مبارك أثناء رحلة القطار، كان بإمكانه التوقف فى أى محطة واستدعاء الأمن على الفور، أما الآن لم يعد فى يده شىء بعد أن تحولت هيئة السكك الحديدية من وسيلة تدر الملايين على الحكومة إلى معرض للإهمال والخسائر.