«الجمعيات المسيحية»: خدماتنا تتراجع رغم «العشور» والمساعدات الخارجية
أحد المشروعات الخيرية المسيحية
تنتشر فى ربوع مصر العديد من الجمعيات الأهلية المسيحية والكنسية المشهرة، والتى تقدم خدماتها ومساعداتها الاجتماعية إلى كل المصريين دون تفريق، وتعتمد تلك الجمعيات والمؤسسات الخيرية المسيحية على التبرعات من الأقباط والتمويلات التى تتلقاها من الجمعيات والمؤسسات الكنسية والمسيحية الدولية، التى تتم بعلم من الدولة عبر وزارة التضامن الاجتماعى، وفى الوقت الذى استمر فيه تلقى التمويلات الأجنبية لتلك الجمعيات تمر عبر حسابات بنكية معلنة، تقلص حجم التبرعات من الأقباط إليها نظراً للظروف الاقتصادية التى تتعرض لها البلاد.
بدأت نشأة الجمعيات المسيحية فى مصر فى الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وكانت أولى الجمعيات التى تأسست فى تلك الفترة «جمعية المساعى الخيرية القبطية» عام 1881، على يد بطرس باشا غالى، رئيس الوزراء الأسبق، وبعدها ظهرت «الجمعية الخيرية الكاثوليكية بالقاهرة» عام 1886 وأسسها باغوص باشا غالى وطوبيا كامل تويج باشا، وكذلك «جمعية الطلبة المصريين البروتستانتية» عام 1908، وتوالى إنشاء الجمعيات المسيحية الخيرية بعد ذلك.
الهيئة الإنجيلية وأسقفية الخدمات الاجتماعية تعتمدان على المساعدات الخارجية.. و«حليم»: «عُشور» الأقباط تتأثر بالأوضاع الاقتصادية للدولة
من أبرز المؤسسات المسيحية العاملة فى مصر، الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، التى يترأسها حالياً القس الدكتور أندرية زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر، وتعد تلك الهيئة من أكبر الهيئات التى تتلقى تمويلات خارجية حسب وزارة التضامن الاجتماعى والتى أنشئت عام 1950 وتعمل على تنفيذ العديد من المشروعات فى مصر، وتوزيع تلك التمويلات عبر عشرات الجمعيات الأخرى ومنها جمعيات إسلامية وعامة، حتى صارت تلك الهيئة الآن واحدة من الهيئات التنموية الرائدة فى مصر، وتقدم الخدمة للمناطق الحضرية الفقيرة والمجتمعات القروية فى ميادين التنمية الاقتصادية، والزراعية، والبيئية، وفى العناية الصحية والتعليم.
وبحسب توصيفها على موقعها الإلكترونى، تشير الهيئة إلى أنها هيئة مسيحية ذات أصول بروتستانتية مع جميع الناس بغض النظر عن النوع أو الجنس أو الدين أو المعتقدات، وتشجع الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، من خلال جهودها المتنوعة، المسلمين والمسيحيين على العمل معاً نحو أهداف مشتركة، وتخدم كمنسق ومحفز على التعاون وبناء القدرات والمهارات مع هيئات المجتمع المدنى الأخرى.
«زكى»: ميزانياتنا معلنة وتعرض على الدولة.. و90% من شركائنا مسلمون.. والتمويل الأجنبى لا يؤثر على عملنا ولا يملى علينا توجيهات
وتتلقى الهيئة تمويلات من العديد من المؤسسات الدولية مثل الاتحاد الأوروبى وبعض المنظمات الكنسية فى الولايات المتحدة والدنمارك، وتعتبر الهيئة متلقية للتمويلات وتقوم بفتح الباب للجمعيات المصرية الراغبة فى المشاركة بالمشروعات التى تلقت عليها التمويلات من الخارج وفق بروتوكولات تعاون، على توزيع تلك التمويلات مثل «مشروع تحسين الأوضاع المعيشية للسيدات العاملات فى القطاع غير الرسمى بالمناطق الريفية والحضرية الفقيرة بمصر»، والممول عبر بروتوكول تعاون بين الهيئة والاتحاد الأوروبى.
القس الدكتور أندرية زكى، رئيس الهيئة الإنجيلية، أكد فى تصريحات، لـ«الوطن»، أن جميع الأموال التى تحصل عليها الهيئة من الخارج تكون بموافقة وزارة التضامن الاجتماعى، وأن أكثر من 50% من أموال الهيئة مصرية، وطوال تاريخ الهيئة لم يتهمها أحد بشىء لأنها واضحة فى أجندتها ونظيفة فى مواقفها.
وكشف «زكى» عن أن 90% من شركائها من المسلمين، وأن الهيئة الإنجيلية هيئة وطنية 100%، والتمويل الأجنبى لا يؤثر على عملها ولا يملى عليها توجهاتها، وأى تمويلات لا ترغب الهيئة فيها ترفضها، ولدى الهيئة شفافية كاملة وتعرض ميزانيتها على الدولة حيث لا يدخل مليم للهيئة إلا بمعرفة الدولة، ومصادر التمويل الخارجى.
وأكد «زكى» أن الهيئة لا تقبل أى تمويلات إلا من الهيئات التى لها علاقة بها، وأن 90% من التمويلات التى تتلقاها الهيئة تستخدم فى النشاطات التنموية، حيث سبق أن تلقت الهيئة تمويلاً من هيئة المعونة الأمريكية قدره 25 مليون جنيه، وذهب جزء كبير منه إلى القروض الصغيرة والمشاريع الصغيرة، ومساعدة ذوى الإعاقة والفقراء، خصوصاً أن عدد المستفيدين من أنشطة الهيئة 2 مليون فقير سنوياً، كما أن لدى الهيئة شراكة حقيقية مع كل الجمعيات الأهلية فى مصر، وأن 90% من الجمعيات التى تعمل مع الهيئة إسلامية معتدلة لا علاقة لها بالإخوان أو السلفيين.
كما تمتلك الكنيسة الإنجيلية عدداً من الجمعيات الأخرى مثل سلسلة جمعيات المساعى.
فيما تنتشر فى ربوع مصر الجمعيات المسيحية والكنسية التابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتتلقى تلك الجمعيات تمويلها للقيام بمشاريعها الخدمية عبر التبرعات من الأقباط ورجال الأعمال أو عبر مساعدات الكنيسة التى تقوم بدور اجتماعى متمثل فى أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية التى يترأسها الأنبا يوليوس، أسقف عام كنائس مصر القديمة، التى أنشئت عام 1962 لخدمة الفقراء والمجتمعات المحرومة، وعبر المكتب البابوى للمشروعات الذى تترأسه بربارة سليمان، حيث تقوم الجهتان بالكنيسة على توقيع بروتوكولات تعاون مشترك مع عدد من المؤسسات الكنسية الدولية لدعم أنشطتها الخدمية فى مصر، مثل مؤسسات كنائس السويد، ومنظمة «خبز العالم» الألمانية، و«دوركاس».
كما تعتمد الكنيسة فى تمويل أنشطتها الاجتماعية على «تبرعات وعشور» الأقباط، التى تعرضت للتقليص خلال السنوات الأخيرة وتضررها بسبب الأوضاع الاقتصادية للدولة، بحسب تصريحات القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة، الذى أكد فى تصريحات لـ«الوطن» إن الوضع المالى للكنيسة وتمويل مشروعاتها الاجتماعية يتأثر باقتصاد الدولة.
وتقوم الكنيسة عبر برنامج «أخوة الرب»، الذى يتولاه القس بيشوى شارل، سكرتير البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والذى وضع برنامجاً إلكترونياً يشبه النظام المعمول به فى البنوك من أجل رعاية المحتاجين والفقراء من الأقباط، ويعمل على حصر احتياجاتهم، من أجل ضمان توزيع موارد الكنائس عليهم بصورة عادلة، وهو برنامج لا يتأثر بأى تضرر للنظام المالى داخل الكنيسة، حيث يقوم البرنامج بتقديم مساعدات شهرية للأسر الفقيرة، وبرنامج مساعدات للطلبة فى التعليم، ومساعدات للفتيات المقبلات على الزواج، ومساعدة المرضى، ليتكامل مع البرامج التى تعمل عليها أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية مع الدولة عبر بروتوكولات التعاون التى توقع مع الوزارات المختلفة مثل برامج محو الأمية وتعليم الكبار، وبرنامج للمشروعات الصغيرة، وبرنامج لخدمة المدمنين وأسرهم والتوعية بمخاطر التدخين ومرض الإيدز، بالإضافة لبرنامج مكافحة ختان الإناث والتوعية بأساسيات الصحة الإنجابية.
وفى محاولة من الكنيسة للعمل بشكل مؤسسى ومعرفة المساعدات التى تتلقاها الكنائس والإيبارشيات المختلفة من الخارج، صار المنوط بتلقى تلك التمويلات الأسقفية، عبر برنامج مشروعات التنمية فى الإيبارشيات، والذى من خلاله تتفق الأسقفية مع الهيئات المانحة، التى كانت تتلقى طلبات من بعض الإيبارشيات مباشرة، حيث تقوم الأسقفية باستقبال طلبات الإيبارشيات من مشروعات التنمية ودراستها بمعايير واضحة وتمويلها مناصفة بين الهيئات المانحة والأسقفية.
ومن أشهر الجمعيات الخيرية التابعة للكنيسة الأرثوذكسية: «الجمعية الخيرية القبطية، وجمعية التوفيق القبطية، وجمعية النشأة القبطية، وجامعة المحبة التى أسسها حبيب جرجس، وجمعية الإيمان القبطية، وجمعية أصدقاء الكتاب المقدس، وجمعية ثمرة التوفيق القبطية، وجمعية الإخلاص القبطية، وجمعية ملجأ الأيتام». كذلك هناك الجمعيات المسيحية التابعة للكنيسة الكاثوليكية، والتى أيضاً تقوم بعملها بتلقى تمويلات من الخارج: «جمعية الصعيد للتربية والتنمية، وجمعية السنابل، واللجنة المصرية للعدالة والسلام التى تخضع مباشرة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، وجمعية (كاريتاس- مصر) المنتسبة لكاريتاس الدولية التى تضم 162 فرعاً منتشرة فى العالم أجمع منها 16 فى الدول العربية ومقرها الرئيسى فى روما وأُسست كاريتاس- مصر فى أعقاب الحرب العربية- الإسرائيلية سنة 1967».
ومن الجمعيات الخيرية الكاثوليكية: «هيئة الإغاثة الكاثوليكية، وهى منظمة أُسست عام 1943 فى الولايات المتحدة الأمريكية ولها فروع فى مصر، وجمعية القديس منصور وهى جمعية كاثوليكية دولية مكونة من العلمانيين، أُسست بباريس عام 1833، وأُسست أول فرقة نشاط لهذه الجمعية فى مصر ببطريركية الأقباط الكاثوليك عام 1853، ولها حالياً بمصر فى مختلف الإيبارشيات والرعايا والمحافظات 17 فرعاً، تضم 142 فرقة نشاط ونحو 1540 عضواً عاملاً، وهذه الفروع مشهرة بوزارة التضامن الاجتماعى، كل فرع فى المحافظة التابع لها، وتقوم بمساعدة الفقراء والمحتاجين دون النظر إلى الدين أو العقيدة». كذلك توجد: «دار العناية (لابروفيدانس)، ودار سيدة السلام لخدمة المعوقين ذهنياً، وبيت السامرى الصالح، والجمعية الخيرية للأقباط الكاثوليك بالقاهرة التى تأسست عام 1886، والجمعية القبطية الكاثوليكية لرعاية وتعليم أولاد الفقراء التى أنشئت عام 1904».