"طريق الحرير" يعود للحياة.. وخبراء: له مكاسب سياسية واقتصادية
طريق الحرير
قبل ما يقرب من 3000 عام قبل الميلاد اكتشف الصينيون صناعة الحرير، حيث عرفوا في هذا الوقت فنونا مبهرة لإتقان صناعته وتطريزه حتى أذهلت هذه الصناعة الناس قديماً، وسعوا لاقتناء الحرير بشتى السبل، وكانوا يحصلون عليه مقابل وزنه بالأحجار الكريمة، وبدأ الحرير يأخذ طريقه من الصين إلى أرجاء العالم حتى شرع عالم الجغرافي الألماني فريديناند فون ريتشتهوفن بنشأة "طريق الحرير" في عام 1877، والذي توقف مرات عدة حتى سعت الصين لإعادته مرة أخرى للحياة في الوقت الراهن.
وصَّى الملتقى الدولي للعلاقات "المصرية ـ الصينية" بانعقاد الملتقى كل عام من أجل توطيد العلاقات والمصالح المشتركة بين البلدين، وذلك بتفعيل طريق الحرير كما كان بالماضي، حيث كان الملتقى قد عُقد على مدى يومين بالمجلس الأعلى للثقافة بالتعاون مع المركز الثقافي الصيني، حتى عرضت الحكومة المصرية، حزمة فرص استثمارية ومشروعات قومية على 15 منظمة أعمال عالمية من 14 دولة يمر بها طريق الحرير الصيني.
من جانبها، تقول الدكتورة نادية حلمي، الخبيرة في الشأن الصيني، إن مبادرة الحرير والطريق هي عبارة عن مبادرتين في الوقت ذاته، الأولى تُعرف باسم "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير"، والثانية تُعرف باسم "طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين" والذي يُعرف مجازا باسم "طريق الحزام الواحد".
وأضافت حلمي، في تصريحات لـ"الوطن"، أن هذا الطريق يُعتبر إطارا للعلاقات الاقتصادية الدولية والذي يقوم على تبادل المنافع الدولية بين جميع دول العالم وتأتي، موضحا أن أهمية هذا الطريق للدول النامية ومنها مصر تأتي نتيجة عدم رغبتها في فرض النموذج الغربي والأمريكي بقوة بخلاف رغبة البلدان النامية في رفع حالة التهميش التي يعاني منها الدول النامية ومحاولة الهروب من الشروط السياسية من أجل إعطاء معونات غربية.
وأشارت الخبيرة في الشأن الصيني إلى أن أهمية طريق الحرير بالنسبة لمصر تأتي للصادرات والواردات بين مصر والصين، والذي بلغ العام الماضي وحده 13 مليار دولار، كما أن عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بلغ أكثر من 1400 شركة وحتى على مستوى القوة العاملة فإن العلاقات بين مصر والصين قد زادت على كل المجالات ففي الجامعات الصينية يدرس حوالي 1400 دارس ومبعوث مصري.
وأكدت حلمي أن مبادرة طريق الحرير تؤدي للعديد من المكاسب السياسية والاقتصادية التي ستعود على مصر ومنها تجنب الهيمنة والتدخل المريكي والغربي في الشؤون الداخلية المصرية نظرا لكون طريق الحرير البري والبحري يشكل تعاونا قويا بين مصر والصين، مضيفة أن طريق الحرير لن يؤثر بشكل أو بآخر على قناة السويس لأن هذا الطريق سيعطي زخما وأهمية إضافية أخرى لقناة السويس من أجل تسهيل دخول المنتجات الصينية والتكنولوجيا ورأس المال لمصر والمنطقة، وانضمام مصر لطريق الحرير سيدعم المشروعات اللوجيستية في محور قناة السويس.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمة السادات، إن فكرة طريق الحرير تعتمد على تسويق المنتجات الخاصة بكل الدول التي سيمر منها طريق المشروع، موضحا أن مصر يجب أن تغيِّر سياستها الإنتاجية وتسعى لإنتاج منتجات منافسة حتى تستفيد بشكل كبير من طريق الحرير المزمع إنشاؤه.
وأضاف الدسوقي، في تصريح لـ"الوطن"، أن مصر تتمتع بمركز متوسط وتمتلك قناة السويس، بخلاف موقعها القريب لكل قارات العالم بينما لا تمتلك منتجات مصنوعة في مصر صالحة للتصدير، موضحا أن نقل البضائع عبر طريق الحرير لن يساعد مصر في زيادة الصادرات إذا لم تغير مصر من خريطتها الإنتاجية، وسيجعل من مصر دولة "ترانزيت".