قطط «عم عادل» التى تأكل التونة: تحبه.. تلاعبه وتسمع كلامه: «مش قلتلك ماتعمليش كده»
الساعة تشير إلى الثامنة صباحاً، يسير «عم عادل»، كعادته بكل ثقة وفخر فى شارع فيصل، وكأنه ذاهب لقضاء مهمة قومية، يرتدى جلباباً رمادياً طويلاً، يحمل فى يده أكياساً مختلفة الأشكال والألوان والروائح. يستكمل الرجل الستينى خطواته راسماً على وجهه ابتسامة وكأنه «عاشق» فى طريقه للقاء حبيبته، وكلما اقترب من هدفه ينشرح قلبه وتزيد ابتسامته اتساعاً.
يصل «عم عادل» إلى المكان المطلوب لمهمته، يجلس على الرصيف، يجد فى انتظاره قططاً ضالة تجرى نحوه فور رؤيته، بل وتتزاحم على ملامسة قدميه بجسدها.. «عم عادل» يأتى إلى القطط يومياً فى نفس الميعاد لا يؤخر ساعة ولا يقدم ساعة، وذلك لإطعام القطط من الطعام الذى يحضره يومياً لها فى أكياس بلاستيك.
الرجل البسيط لا يُطعم القطط الضالة فقط، بل يتحدث إليها ويناجيها، فأحياناً يوجه إحداها إلى الالتزام بالطابور قائلاً: «مش قلتلك ماتعمليش كده»، وأحياناً أخرى يطبطب عليها قائلاً: «ماتزعليش»، وفى الأغلب يتركها تداعبه وتصعد على كتفه، فيضحك ويبادلها اللعب واللهو.. وعندما تنتهى مهمته يتركها وينصرف إلى حيث جاء، على أن يأتى فى اليوم التالى.
قصة حب كبيرة بين الرجل وقططه يعلمها جميع جيرانه: «دول كلهم ستاتى وبتوعى لوحدى، كل واحدة فيهم مسميها اسم، زى ما الستات عايزة عطف وحب، القطط كمان محتاجة عطف وحب ورحمة، ولازم نرحمها فى الدنيا عشان ربنا يرحمنا فى الآخرة، ما دول عندهم شعور زى البنى آدمين بالظبط».
بعد قضاء مهمته الرسمية لا يسلم الرجل من كلام العاملين بالمحال التجارية والمارة وأبناء المنطقة، ينظرون إليه باستخفاف شديد، لا يرحمونه من نظراتهم، غير مقتنعين لا بنظريته ولا بكلامه عن علاقاته، صوت أحدهم: «أنونولك عشان تدينى آكل؟»، يقول آخر: «دى تونة يابا.. تونة! هى القطط أحسن مننا فى إيه»!
يرد «عم عادل» لهم نظرات الاستخفاف بنظرة شفقة، يصمت أمام كلامهم الجارح، غير مبال، راضياً عن نفسه، سعيداً بمهمته التى يخرج كل يوم من أجلها.