ما أشبه اليوم بالبارحة.. من تهجير باعة "روض الفرج" إلى ترحيل متجولي "وسط البلد"
"الإبقاء" أو "الإلغاء".. خياران مطروحان فور بدء مناوشات نقل سوق منطقة روض الفرج إلى منطقة العبور، في مقتبل التسعينيات، ورفض الباعة الجائلين الانتقال من السوق الذي استقروا فيه منذ بنائه عام 1947، ليكون إمداد للقاهرة بما تحتاج إليه من خضراوات وفاكهة وكان حينها سكان العاصمة لايتعدون 2 مليون مواطن.
طوال فترة وجوده، لم تجدد مرافقه أو تضف إليه خدمات أخرى ترفع من كفاءته، وتواكب الزيادة السكانية، حتى أصبحت شوارعه مكتظة على آخرها إلى جانب عدم صالحيتها للحركة على مدار 24 ساعة بدون توقف، في السوق الذي تبلغ مساحته 22 فدانا، تعتلي لافتة "سوق روض الفرج" بناية ضخمة وفخمة، طرزت بشكل مزيج بين الطرازين اللملوكي والإنجليزي.
بعد 20 عاما، تتزاحم ذات الأرجل التي كانت سببا في نقل سوق روض الفرج إلى العبور الجديدة، بمنطقة وسط البلد، فالباعة الجائلين بالمنطقة الأولى كانوا السابقين، وباعة وسط البلد الآن هم "اللاحقون"، في المنطقة الأولى تعددت شكاوى المرور واكتظاظ المكان بالناس ما أدى إلى انزعاج السكان باعتبار هذا السوق سوق الخضار المركزي في القاهرة، الذي كان بمثابة مركز تجميع من جميع أنحاء الجمهورية، وما عادت المساحة مؤهلة لاستيعاب كل هؤلاء، وعلى يد الباعة الجائلين تحولت أرقى مناطق وسط البلد الآن إلى "حي شعبي"، فافترشوا الأرض والأرصفة، لا سيارات تمر في طريقها بسلاسة مفروضة ولا مارين يستطيعوا السير وسط الإشغالات الممدودة على طول الطريق.
300 فدان مساحة سوق العبور، الذي ارتضته الحكومة لبائعي سوق روض الفرج، عند افتتاحه في 10 سبتمبر 1994، واليوم ترتضي الحكومة 10 آلاف متر، لبائعي وسط البلد في منطقة "وابور الثلج"، وإن استقروا لمدة 6 أشهر في مساحة تتسع لما يقرب من 3 آلاف بائع متجول في جراج "الترجمان"، حتى الانتهاء من تجهيزات منطقة "الوابور" في هذه الفترة المحددة، وفقا لتصريحات رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب.
الرفض هو سيد الموقف في حملتيّ النقل من قِبل الباعة الجائلين، لاعتبارهم أنهم سينقلون حيث موت رزقهم يفي مناطق غير مؤهلة لكسب الرزق، والتنفيذ هو الحل الوحيد الذي تراه الحكومة رغم أنف المعارضين.