المناورات الروسية الجزائرية.. موسكو والغرب يبدآن صراعا جديدا بالساحل
الصراع الأمريكي الروسي بالمتوسط
يبدو أن الأزمة الأوكرانية الروسية ليست بداية الصراع الحقيقي بين الغرب وموسكو، اللذين يسعيان دوما إلى قطع سبل السيادة أمام بعضهما، فتمتد تلك الأزمة إلى عهود سابقة، كان آخرها وأبرزها محاولة كل منهما السيطرة على منطقة البحر المتوسط، والتواجد في البحر الأسود، ومد نفوذهما إلى أفريقيا التي يمارس فيها الناتو قوته، ولا يعيقه سوى التمدد الروسي.
وتعد المناورات العسكرية الروسية الجزائرية المشتركة، التي أعلنت المنطقة العسكرية الجنوبية بموسكو اليوم، عن انطلاقها في نوفمبر المقبل بالجزائر، آخر محاولات الصراع الغربي مع موسكو في منطقة الساحل، ويبقى السؤال الأهم، ما أهمية تلك المنطقة لكل منهما؟
بداية الصراع الروسي الأمريكي بمنطقة الساحل
يرى مركز كارنيجي للشرق الأوسط، أنّ موسكو سعيت خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية، إلى تعزيز تواجدها في منطقة الساحل وشمال أفريقيا، عبر التعاون العسكري ودبلوماسية الطاقة والتجارة، وهو ما يمكنها من تقويض تمدد حلف شمال الأطلسي «الناتو» في منطقة الساحل وتحييد نفوذ الأسطول السادس الأمريكي.
الأمر الذي تسبب في عاصفة من المشاعر في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعتبر منطقة الساحل هدفا أمريكيا رئيسيا في مخططات تمدد الدولة العظمى التي تسعى من خلال للسيطرة على المنطقة، وهو ما تدركه موسكو جيدا التي تعمل على إنهاء عزلتها عبر علاقات وعمق آسيوي أفريقي جديدين، وفقا لما نشرته وكالة "سبوتنيك" الروسية.
بداية الأزمة: استفزاز أمريكي ومحاولات روسية للرد
وبدأت الأزمة في التعمق خلال العام، حينما ظهرت سفينة القيادة «ماونت ويتني» التابعة للأسطول السادس الأمريكي، في البحر الأسود، لاستفزاز روسيا، قبل أن تعاود أدراجها مرة أخرى في وقت قريب، ما دفع موسكو إلى إرسال سفن حربية إلى منطقة المتوسط، لإجراءات مناورات عسكرية، وهو ما أزعج البيت الأبيض حينها.
وبحسب «سبوتنيك»، فإن سيطرة السفن الروسية على منطقة المتوسط التي تعتبر مصدر «الماء الدافيء» لموسكو، خاصة عقب تلك التدريبات والمناورات العسكرية التي قامت بها أمريكا هناك، تعد ضربة خطيرة لواشنطن والناتو، الذي وجهت إليهما الأولى ضربة خطيرة تزيد من عمق الأزمات السياسية والدبلوماسية بينهم.
رسم خريطة جغرافية جديدة بالمنطقة
وبحسب «سكاي نيوز» عربية، فيرى المحللون أن الإعلان الروسي الأخير ببدء المناورات العسكرية الروسية الجزائرية المشتركة لمكافحة الإرهاب، والتي ستقام في نوفمبر القادم، بقاعدة حماقير بالجزائر، وسيشارك خلالها 80 عسكريا من المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية، استغلال واضح من الرئيس فلاديمير بوتين لارتباك سياسات الناتو، وفك الارتباط الأمريكي بالمنطقة، لعودة لعودة هيمنة بلاده وكسر الطوق الأمريكي الأوروبي بالمنطقة.
وتحاول روسيا رسم خريطة جغرافية جديدة بالمنطقة، عقب انسحاب الولايات المتحدة من كل من سوريا والعراق وأفغانستان، في الوقت الذي بدأت فيه الأولى بتوثيق تواجدها هناك، وهو ما أثار التخوف الأمريكي والأوروبي، متهمين موسكو بمحاولة قواتها العسكرية في المنطقة بعد استيلائها على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014.
وكمحاولة لاستفزاز الغرب، أكدت موسكو أكثر من مرة، تلك التصريحات التي تؤكد محاولتها للتواجد بمنطقة المتوسط وتقويض التواجد الأمريكي الأوروبي هنا، مشيرة إلى أهمية توفير نقاط ارتكاز البحرية الروسية في البحر المتوسط لتمكينها من تتبع تطورات الوضع في المنطقة، وهو ما يؤكد أن المنطقة أصبحت نقطة صراع جديدة بين القوى العظمى، ما يحتم تواجد فرص صراع جديد بين تلك القوى العسكرية، بحسب وكالة "سبوتنيك".
موسكو تحتل المركز الثاني عالميا بالقوة البحرية
لذلك عززت موسكو من أسطولها العسكري في مياه شرق المتوسط، وذلك عبر إضافة 6 سفن إبرار كبيرة من قواعدها الثابتة، إلى تلك المتواجدة بميناء طرطوس السوري، لتضاف إلى 140 سفينة حربية و60 مقاتلة، و1000 جندي مارينز آخرين متواجدين بالمنطقة، بحسب «سكاي نيوز».
وفي عام 2022، أصبحت موسكو القوة البحرية رقم 2، بعد الصين التي احتلت المركز الأول، متفوقة على الولايات المتحدة، بأسطول بحري يتكون من 605 وحدات بحرية، بحسب موقع «جلوبال فاير باور» المتخصص في رصد القدرات العسكرية للدول.