فلاحو البحيرة يقاطعون زراعة البطاطس بعد قرار وقف تصديرها
أطلق قرار وقف تصدير البطاطس رصاصة الرحمة على محصول هذا العام فى محافظة البحيرة، بعد أن تركتهم الدولة يواجهون مصيرهم مع التجار الذين عجزوا عن تصريف الإنتاج مثل كل عام، وبات المحصول وبالاً على الفلاحين، بعد أن اكتفت الدولة بدور المشاهد حيال تلك الأزمة التى تحاصر المزارعين. أعلن الفلاحون بجزيرة «نكلا العنب» التابعة لمركز شبراخيت، حرثهم الأرض بمحصول البطاطس، بعد أن عجزوا عن توفير السوق المناسبة لبيعه، مشيرين إلى التكلفة الزائدة التى تحملوها هذا الموسم، سواء فى قيمة الإيجار المرتفع للأرض أو أسعار السماد والبذور، وإغلاق شعبة التصدير أبوابها أمام محصول البطاطس.[SecondImage]
وأشار الفلاحون إلى ارتفاع قيمة يومية العمالة الزراعية التى تقوم بحصاد المحصول من الأراضى، وقالوا إن لعنة زراعة البطاطس تواجههم منذ ثلاثة أعوام، بعد أن رصد الاتحاد الأوروبى 6 حالات مصابة بالعفن البنى، الأمر الذى ترتب عليه حظر تصدير البطاطس للأسواق الأوروبية، ووفقاً للبروتوكول الموقّع بين وزارة الزراعة والاتحاد الأوروبى، فإن هناك شروطاً للتصدير لدول الاتحاد تتضمن السماح حتى خمس حالات إصابة لتظل السوق الأوروبية مفتوحة أمام البطاطس المصرية، وأنه فى حالة تجاوز هذا الرقم فإنه يحظر تصديرها مؤقتاً، مؤكدين أن الحكومة تخلت عنهم بعد هذا القرار، لافتين إلى إمكانية أن تقنع شعبة التصدير والخبراء المصريون الاتحاد الأوروبى بفتح باب التصدير أمام البطاطس المصرية، أو دعم الفلاح فنياً ومادياً لتحسين مستوى الإنتاج، وأكد الفلاحون أن الأزمة زادت هذا العام بعد موجة الصقيع التى تعرضت لها البلاد خلال الفترة السابقة، والتى أثّرت على إنتاج محصول البطاطس، وانخفض معدل الإنتاج بصورة كبيرة.
«الوطن» رصدت على الطبيعة مدى معاناة الفلاحين بالبحيرة، الذين قالوا: لم نهنأ هذا الموسم بمحصولنا، مشيرين إلى إصابة المحصول بلعنة العفن البنى، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة زراعة المحصول، وأتت أزمة الصقيع هذا العام لتحرق محصول البطاطس داخل الأراضى، وانخفاض كمية المحصول، ما تسبب فى خسائر مادية فادحة تستدعى تدخل الدولة. يقول محمد عبده، أحد المزارعين بنكلا العنب: حاصر محصول البطاطس هذا العام العديد من الأزمات، بداية من التكلفة الزائدة للمحصول التى بلغت 35 ألف جنيه للفدان، بالإضافة إلى رفع سعر الإيجار، لافتاً إلى أن أراضى «نكلا العنب» من أغلى الأراضى فى القيمة الإيجارية، بسبب خصوبتها وجودتها وموقعها المتميز لزراعة البطاطس، وإغلاق باب التصدير أمام البطاطس المصرية، مضيفاً: على الرغم من هذه الأزمات فإننا تحدينا الصعاب وقمنا بتنفيذ الزراعة، ولكننا لم نستطع مواجهة الصقيع الذى تسبب فى حرث الأرض بما فيها من البطاطس، وبما سبّب انخفاض إنتاجية الفدان من 12 ألف طن إلى 3 آلاف طن، فى حين أن سعر بيع طن البطاطس فى الأرض يحدد بسعر 700 جنيه، مؤكداً أن خسارة الفلاح فى طن البطاطس هذا العام تقدر من 3 آلاف جنيه إلى 4 آلاف جنيه فى الفدان، وهو ما يهدد آلاف المزارعين بالسجن والتشريد بعد عجزهم عن دفع الديون المستحقة عليهم، سواء للتجار أو الجمعيات الزراعية.
محمد العشرى، أحد أصحاب الأراضى بشبراخيت، أكد أنه لا توجد أى رقابة أو تفتيش من جانب الحجر الزراعى على أصناف التقاوى المستوردة من الخارج، مشيراً إلى اكتشاف بعض المزارعين إصابة التقاوى هذا العام بالعفن البنى وعفن الجذور، بالإضافة إلى الأوبئة التى أدت إلى ضعف إنتاجية الفدان بشكل غير مسبوق، رغم أن أسعار التقاوى كانت مرتفعه.. جداً مقارنة بالأعوام السابقة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأسمدة التى يشتريها صغار المزارعين من التجار بالسوق السوداء لحين موعد الحصاد.
فيما كشفت اللجان الرقابية بنقابة الفلاحين بالبحيرة، أسباب الخسارة الفادحة التى حدثت لأول مرة فى تاريخ المحافظة، وأرجعوها إلى ارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعى، وعدم توفير الأسمدة اللازمة وصرفها لكبار ملاك الأراضى الزراعية دون المستأجر، حيث يبيع ملاك الأراضى حصصهم من الأسمدة المدعمة التى يتم تسلمها من الجمعيات الزراعية إلى المستأجرين الذين يقومون بالزراعة فعلياً، وبأسعار الأسواق السوداء، بالإضافة إلى احتكار مستوردى تقاوى البطاطس الأصناف ذات الإنتاجية الجيدة لرفع أسعارها، أما الأصناف الرديئة فيتم إغراق السوق بها، ويقبل عليها المزارعون لرخص ثمنها. وكشفت التقارير التى أعدها متخصصون بالنقابة العامة للفلاحين أن كبار المستوردين يمارسون سياسة تعطيش السوق ببعض أصناف التقاوى المرغوبة لرفع أسعارها، وإغراق السوق بتقاوى ذات إنتاجية ضعيفة تحقق مكاسب كبيرة لهم على حساب الفلاح، بالإضافة إلى توقف عملية التصدير لبعض الدول بالخارج، والتى تُعد أهم أسواق توريد البطاطس ومنها ليبيا وسوريا، وذكرت التقارير أن الممارسات الاحتكارية من جانب بعض المستوردين أضرت بالسوق المحلية، وهو ما ساعد بشكل كبير فى زيادة الأزمة هذا العام.
من جانبه طالب بهاء العطار، نقيب الفلاحين بالبحيرة، المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، بسرعة دراسة دعم المحاصيل الخاسرة والمنكوبة بمختلف أنحاء مصر، سواء بسبب الأحوال الجوية أو تدنى الأسعار أو عرقلة التصدير، مؤكداً أن الحكومة مُلزمة بدعم المحاصيل الاستراتيجية فقط طبقاً لمواد الدستور، مشيراً إلى أنها ترى أن المحاصيل الأخرى يتم زراعتها بنظام العرض والطلب، موضحاً أن توقف التصدير وراء أزمة المحصول ومعاناة المزارعين، وطالب «العطار» الدولة ممثلة فى وزارة الزراعة بفرض رقابة قوية على المستوردين، وألا تتجاوز كميات التقاوى المستوردة من الخارج 120 ألف طن، وذلك حفاظاً على السوق المحلية، وحتى لا تنهار أسعار البطاطس فى ظل زيادة العرض وضعف الطلب، بالإضافة إلى السيطرة على أسعار التقاوى المستوردة من الخارج.