عالم أوقاف: ظهور جماعات «الأمر بالمعروف» افتئات على سلطة الدولة
عادل المراغى
قال الدكتور عادل المراغى، من علماء وزارة الأوقاف، إن ظهور جماعات أو هيئات تطلق على نفسها جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بدعوى تطبيق شرع الله وحدوده يعد افتئاتاً على الدولة ومؤسساتها. وأضاف د. المراغى أن هناك ضوابط وآليات تحكم مسألة الأمر بالمعروف حتى لا يكون الأمر مباحاً للجماعات التكفيرية والمتاجرة بالدين أو تيارات الإسلام السياسى.
■ ماذا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من مزايا هذه الأمة، مصداقاً لقول الله تعالى فى سورة آل عمران: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
والعلماء قالوا المراد بالأمة فى الآية الكريمة هم صحابة الرسول أو هم العلماء.
د. عادل المراغى: مسألة الأمر بالمعروف لها ضوابط وليس الأمر مباحاً أمام الجماعات التكفيرية.. وعلى أجهزة الدولة الضرب بيد من حديد على المتطرفين
■ هل توجد درجات للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر له درجات وآليات وضوابط، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، أى إن التغيير يأخذ ثلاث درجات:
الدرجة الثالثة هى التغيير بالقلب، وذلك بأن تدعو الله للمخطئ بالهداية، وثانيها الرفق واللين والمجادلة بالحسنى لقول الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن).
أما الدرجة الأولى من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهى باليد فلا يملكها أحد باتفاق العلماء إلا الحاكم، والقرآن به آيات وضعت أسساً وقواعد لعملية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
■ ما ضوابط الأمر بالمعروف؟
- أولاً ليس من حق أى شخص أو فصيل إنشاء أو تكوين هيئة للنهى عن المنكر، ولا بد من ضوابط للأمر بالمعروف ألا يكون الأمر كلاً مباحاً من الجماعات التكفيرية أو المتاجرة بالدين أو جماعات الإسلام السياسى، والرسول قال من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، بمعنى أى يتم التعامل معه بيد الحاكم وأجهزة الدولة المعنية، كالقضاء والجيش والشرطة، أما عن التغيير باللسان فيكون من قبل العلماء الربانيين، أما التغيير بالقلب فهذا يكون من عامة الأمة، كما اشترط العلماء ألا يؤدى تغيير المنكر إلى منكر أكبر منه.
■ هل توجد شروط ينبغى توافرها فيمن يقوم بمهمة الأمر بالمعروف؟
- يقول أحد العلماء ينبغى على من يأمر بالمعروف أن تتوافر فيه ثلاثة شروط: أن يكون عالماً فيما يأمر به وينهى عنه، ورفيقاً فيما يأمر به وينهى عنه، وألا يؤدى المنكر إلى منكر أكبر منه.
■ ماذا عن الجماعات التى أطلقت على نفسها جماعة الأمر بالمعروف وادعت تطبيق الحدود؟
- هذا كذب وافتراء على الدين وحق الدولة، فليس من حق أى فصيل أو تيار أن يعلن تأسيس جماعة للنهى عن المنكر وتطبيق الحدود بمعزل عن الدولة، فهذا نوع من الفساد، فأى شرع تطبقه؟ ومن سمح لتلك الجماعات بالحديث باسم الدين، وهى تروع وتسىء استخدام الدين وتشوه صورة الإسلام؟
■ كيف يمكن التعامل مع تلك النوعية من الجماعات؟
- أجهزة الدولة مطالبة بالضرب بيد من حديد على دعاة الفتنة الذين يسمون أنفسهم جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
■ هل وجود تلك الهيئات يتماشى مع رسالة الإسلام؟
- هذا يصطدم مع رسالة الإسلام، التى لخص الله الهدف من بعثة النبى بقوله (إن عليك إلا البلاغ)، وإذا كان ليس لهم الحق فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهذا من سلطات ولى الأمر، فليس لهم الحق فى أن يصبحوا قضاة على الناس، وليس لهم الحق فى إقامة الحدود، لأن هذا يحدث تخبطاً هائلاً وانفلاتاً كبيراً، ومن سلطات الدولة التصدى لهؤلاء.
■ إذن إنشاء تلك الهيئات يعد تجاوزاً؟
- نعم إنشاء هذه النوعية من الهيئات يعد خروجاً وافتئاتاً على دور الأزهر ودور الدولة بسلطاتها الثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية، ومن ثم يرفض الأزهر الشريف إنشاء أى هيئات تزاحمه فى رسالته الدينية والدعوية، ويدعو الجميع لمراعاة ذلك، لأن تلك الجماعات تفسر الدين وفق أهواء وأغراض، ومن المؤكد أن فهمها للدين مغلوط وغير صحيح.
■ كيف تتابع ممارسات تلك الجماعات؟
- طبعاً تسىء للدين، وممارساتها العشوائية فى الشارع هى أمر بعيد تماماً عن الإسلام، ويذكرنا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام (ستفترق أمتى 73 فرقة، منها 72 فى النار وفرقة واحدة فى الجنة، قالوا وما هى يا رسول الله قال ما أنا عليه أنا وأصحابى).