«فين أيامك».. سوق «أبو طويلة» بالشيخ زويد عادت بدون «عم أحمد»
أحمد خضر
ما إن تم فتح سوق أبو طويلة جنوب الشيخ زويد بشمال سيناء، حتى بدأ الأهالي استلام المحال التجارية في السوق لإعادة تأهيلها، وفتحها مجددا، بعد حالة الاستقرار والهدوء التي تشهدها القرية، حتى تذكروا «جدو» أحمد خضر النصايرة، الذي توفي منذ عدة شهور قليلة فقط، حزنا على وفاة ولده الوحيد.
الحاج أحمد خضر النصايرة، صاحب الـ80 عاما، هو إحدى العلامات المميزة في السوق، فقد كان هو مكافأة الأمهات لأطفالهن الصغار، حينما كانت تقول الأم لابنها، ذاكر وأنا أشتري لك من عند جدو أحمد «شيكابوم، أو حلوى والقضاما والسمسم والمشروب والدروبس والملبن والعجوة»، أو كل ما يشتهي الطفل، حتى أدق تفاصيل الحياة اليومية، التي كان أطفال أبو طويلة يتجاهلون فيها الآباء والأمهات الا إذا تم وعدهم بزيارة دكان الحاج أحمد.
عم أحمد هو مكافأة الأمهات للأطفال
قال مصباح أبو جروان، من أهالي أبو طويلة، لـ«الوطن»: «لقد كان الحاج أحمد خضر إحدى علامات السوق المميزة، فقد كان يملك دكانا صغيرا في منتصف السوق، يبيع فيه كل شيء، من أدوات البقالة ومستلزمات المطبخ والبيوت، حتى الإبرة الصغيرة تجدها عنده، علاوة على أنه كان ينادي الأطفال الذين يمرون من أمامه ليعطيهم الدروبس وهي الحلوى الصغيرة، فكان الأطفال يتعمدون المرور من أمامه، فإن الذين كانوا أطفالا وقتها أصبحوا الآن أطباء ومهندسين وموظفين، ومنهم من كانت وظيفته في تراخيص المحال، ولكن كان لا يجرؤ أن يقول لعم أحمد أين أوراقك، فإن طعم الحلوى ما زال في حلقه».
دكان عمو أحمد الصغير كان بمثابة كارفور كبير في نظرنا
ويقول يحيى العبادي أحد أبناء قبيلة الرياشات لـ«الوطن»: «لا أعتقد أن هناك طفلا لا يعرف الحاج أحمد خضر، فقد كانت ترسلنا الأمهات له لنشتري حاجات المنزل، ونادرا ما تكون غير موجودة، فقد كان دكانه الصغير بمثابة (كارفور كبير) لأهالي القرية، وكان يعرف طلبات ربات البيوت والأطفال ويجهزها، فقد كان يفتح محله من بعد الفجر حتى قبل المغرب بنصف ساعة، كان يعود إلى بيته في الشيخ زويد، راكبا أو مترجلا كل يوم أوقات المساء، على أن يصي المغرب في بيته، فإن المسافة كانت قرابة 5 كيلو مترات».
وقال صبحي زايد أحد أهالي قرية أبو طويلة، لـ«الوطن»، «ما إن عاد التجار إلى المكان لفتح محالهم، حتى تذكرت عمي أحمد خضر، الذي توفي حزنا على وفاة ولده الوحيد محمد معلم اللغة الإنجليزية، الذي توفي قبل والده بعدة أشهر، بعدما أصيب بفيروس كورونا، وتم حجزه بقسم العزل بمستشفى العريش العام، ليتوفى بعد عدة أيام».
ويضيف «أبو زايد» والدموع في عينيه، «لقد عادت سوق أبو طويلة وعادت المحال من جديد، ولكن لم يعد عمو أحمد، رحمة الله عليه، كان دائما يسألنا عن أحوالنا حينما كنا نزوره في بيته وهو مريض، وكان يوصينا أن نراعي كبار السن، ويحثنا على الأخلاق والصلاة في المسجد، فقد كان نعم الرجال، يا ليتك رأيت السوق يعود معنا يا عم أحمد».