خبير اقتصادي: العالم يشهد تغيرا في موازين القوى وفرص واعدة للدول النامية
منجي بدر الخبير الاقتصادي
قال منجي بدر الخبير الاقتصادي ومستشار وزير التجارة والصناعة السابق، إنّ العالم أنقسم منذ 22 مارس 2023 إلى شطرين، الشطر الأول يضم روسيا والصين والثاني الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، ما أدى إلى بروز أركان نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب على أرض الواقع.
وأضاف في حواره لـ «الوطن»، أن الهيمنة الأمريكية والغربية على العالم تأثرت بظهور حلف الشرق المتمثل في الصين وروسيا، وبدأ ذلك في سحب البساط جزئيا من الغرب في مرحلة انتقالية تتكون فيها منظمات وتجمعات موازية لتجمعات الغرب وأبرزها حاليا تجمع «البريكس وشنغهاى».
وتطرق في حوراه إلى العديد من المواقف الدولية المتغيرة وأبرزها استخدام بعض الدول العملات المحلية في تسوية المدفوعات الدولية وهي ضربة قوية قد تؤدى لزعزعة عرش الدولار الذي تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على دعمه لاستمرار مركزه العالمي كوسيلة رئيسية لتسوية المدفوعات الدولية، فإلى نص الحوار:
*هل الصراع الروسي الأوكراني هو السبب في هذه التغيرات العالمية؟
- الصراع الروسي الغربي علي أرض أوكرانيا لم يكن كاشفا فقط لنظام عالمي جديد بل كشف الخواء العسكري والاقتصادي والاجتماعي للمجتمع الغربي.
*ما هو موقف الدول الناشئة والفقيرة من هذه التحولات العالمية؟
نعتقد أن بعض الدول الناشئة والفقيرة مازالت تحافظ على كلاسيكية علاقاتها الخارجية، والبعض الآخر ارتبط وجوده بالنظام الغربي فهو يدافع عنه بشكل مباشر وغير مباشر، وجانب من دول العالم أيقن حتمية دوران التاريخ، وبدأ يستعد للتوجه شرقا مع الحفاظ علي شعرة معاوية مع الغرب.
فوائد كبيرة للوضع الحالي للدول النامية
*وماذا عن الجانب الاقتصادي؟
- فيما يخص الجانب الاقتصادي فإن تعدد الاقطاب مفيد للدول النامية حيث يبدو حاليا أن القوى الكبرى كريمة في تعاملها مع الدول النامية، والبداية تنازل روسيا عن 20 مليار دولار أمريكي ديونا على الدول الفقيرة وتصدير القمح الروسي مجانا لدول أفريقيا وفي المقابل تقهقرت أولويات العالم المتقدم في المحافظة على المناخ وخارت عزائمهم في سداد تعويضات ال 100 مليار دولار للدول المتضررة من تغير المناخ بسبب زيادة معدلات الكربون في الغلاف الجوي ويعود ذلك لكثرة الصناعات الملوثة للبيئة منذ بداية الثورة الصناعية.
*وماذا عن تأثير هذه التغيرات على المستوى القريب؟
- يحمل المستقبل القريب اختفاء وظهور مفاهيم عالمية كثيرة بينها تغيير مفهوم التنمية المستدامة إلى مفهوم التنمية الضرورية ومفهوم العولمة إلى مفهوم التجمعات الاقليمية.
ونشير في هذا الشأن إلى زيارة الرئيس الصيني إلى روسيا في شقها الاقتصادي حيث تم توقيع 12 اتفاقية في عدد من مجالات التعاون، وأكدت روسيا على حظر بنوكها من التعامل مع منظومة سويفت الغربية في أي تعاملات داخلية وبذلك أصبح الاقتصاد الروسي بعيدا عن متابعات الغرب، وتم الاتفاق بين روسيا والصين على التعامل باليوان كعملة أساسية في التجارة مع دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تجنبا للّجوء إلى البنوك الغربية لإتمام هذه الصفقات، وهي خطوة مهمة في الترسيخ لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.
نظام عالمي جديد يطلق عليه «العادل»
كما رسخت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج لروسيا لنظام عالمي يطلق عليه «العادل»، والذي قد يزيح جزئيا «النظام العالمي» الغربي أو ينافسه على المدى القصير، ويبدو أن معظم دول العالم التي لا تنتمي لأي من القوتين تفضل الانضمام للنظام العالمي العادل الذي يوفر لها ضمانات تحد من التدخل في شأنها الداخلي أو نظام حياة شعوبها.
وقد يؤدى النظام العالمي العادل إلى تطوير أو تغيير معظم المنظمات الدولية الحالية والتي تكيل بمكيالين بسبب سيطرة عدد من دول الغرب عليها، وتدشين مؤسسات أو منظمات جديدة موازية لما هو موجود الآن، وأسلوب الكيل بمكيالين لهذه المؤسسات هو إصدار المحكمة الجنائية الدولية أمرا بتوقيف الرئيس بوتن بحجة خطف الأطفال الأوكرانيين ونقلهم عبر الحدود إلى روسيا، ولو لم يفعل ذلك سيتهمه الغرب بالقتل العمد لهؤلاء الأطفال بتركهم في منطقة حرب.
وخلال الـ 23 سنة الماضية لم تقم المحكمة باستدعاء أي من مجرمي الحرب من الغرب مثل الرؤساء الامريكيين بوش الابن وأوباما وكلينتون الذين أشعلوا الحروب والتصفيات العرقية وهدم دول ونهب خيراتها وتشريد شعوبها، وربما يأتي النظام العالمي العادل بمؤسسات ومنظمات تراعى مصالح الدول على أسس نزيهة وعادلة.