«اختبارات القدرة على تحمُّل الخسائر» من يفوز: «أوبر» أم «إن درايفر»؟!
من يفوز: «أوبر» أم «إن درايفر»؟!
كسرت شركة «إن درايفر»، العاملة فى مجال النقل التشاركى، انفراد شركة «أوبر» الأمريكية بالسوق المصرية، من خلال ملكية الأخيرة للتطبيقين الأكثر رواجاً فى مصر «أوبر» و«كريم».
واستطاعت «إن درايفر» الاستحواذ على حصة سوقية كبيرة خلال وقت قياسى بعد عدة أشهر من دخولها السوق المصرية، وذلك بعد نجاحها فى تقديم مزايا تنافسية للسائق من خلال إلغاء عمولتها بشكل مؤقت، الأمر الذى جذب آلاف السائقين للشركة، وهنا نجحت فى توفير جانب العرض، بينما قدمت للعميل ميزة أخرى تتعلق بسعر الخدمة المنخفض بنسب تصل إلى 25% عن أسعار خدمات المنافسين، وهنا نجحت فى توفير جانب الطلب.
لذا نجحت الشركة الروسية فى أن تمثل خطراً حقيقياً على أحلام شركة أوبر الأمريكية فى الانفراد بالسوق المصرية وتطبيق أسعار مرتفعة لخدماتها، سواء من خلال إقرار زيادات معلنة على الأسعار، أو من خلال ما يُعرف بـ«عامل الذروة» الذى يعطى الشركة الأمريكية الحق فى تحديد السعر الذى تراه! وهنا اتجهت شركة أوبر لمحاولة وقف زحف «إن درايفر»، من خلال قيامها بتقديم خصومات كبيرة على خدماتها، وتحديداً المقدمة من خلال تطبيق «كريم» على الرغم من توقف هذه الخصومات لفترة طويلة، وتحديداً منذ نجاح شركة «أوبر» فى الاستحواذ على «كريم»!، كما قامت الشركة بتخفيض أسعار بعض خدمات «كريم» بنحو 10% خلال الأسبوع الماضى. ووفق السيناريو الحالى، فإن شركة «إن درايفر» من المرجح أن تتكبد خسائر من وجودها فى مصر نتيجة عدم حصولها على مصدر إيراداتها الرئيسى، وهو عمولتها عن خدمة النقل التى تقدمها للعملاء، وتنازلت «إن درايفر» عن هذه الإيرادات بهدف تحقيق الانتشار، وهو ما نجحت فيه بالفعل.. ولكن هل تستطيع «إن درايفر» الاستمرار فى السوق المصرية مع تحقيق خسائر؟!
«إن درايفر» تُبقى على خدماتها دون عمولة.. وتساؤلات: إلى متى ستستمر؟!
بالطبع لا.. باعتبار أن «إن درايفر» هى شركة استثمارية فى الأساس تستهدف تحقيق الأرباح، وبالتالى فهى تخطط لفرض عمولات على السائقين نظير الخدمة المقدمة، مع تخطيط الشركة لأن يظل السعر النهائى للخدمة بعد فرض العمولة سعراً تنافسياً فى مقابل أسعار خدمات أوبر وكريم.
ولكن بعد أن بدأت شركة أوبر الأمريكية فى تقديم العروض والخصومات الكبيرة على خدماتها أصبحت تهدد أحلام «إن درايفر» فى بداية عملية جنى الأرباح، وسيحدث أحد السيناريوهين التاليين:
الأول، أن تقاوم شركة إن درايفر وتُبقى على خدماتها دون عمولة ولكن إلى متى؟! فهى حتماً ستعود لتطبيق العمولة لبدء تحقيق الإيرادات والأرباح.
الثانى، أن تبدأ إن درايفر فى تطبيق العمولة حالياً، وهنا ستتقارب الأسعار كثيراً بينها وبين تطبيقى أوبر وكريم.
فى كلا السيناريوهين السابقين، ستشتعل بشكل أكبر المنافسة بين الجانبين، وسيكون الفيصل النهائى فى هذه المنافسة من يستطيع تحمل الخسائر لأطول فترة ممكنة؟!
مثل هذه الصراعات تتقن خوضها جيداً الشركة الأمريكية، ونجحت بالفعل فيها سابقاً عندما قامت بسباق فى العروض والخصومات مع شركة «كريم» قبل الاستحواذ عليها، وأجبرت الشركة الإماراتية لقبول عرض الاستحواذ حتى توقف نزيف الخسائر التى تتحملها لمجاراة عروض عملاق النقل التشاركى فى العالم «أوبر».
«أوبر» تعاود عروضها الكبيرة بعد أن توقفت منذ الاستحواذ على «كريم» فى نهاية 2019
ونجحت «أوبر» بالفعل فى الاستحواذ على شركة «كريم» فى نهاية 2019، بعدما أظهرت قدرة أكبر على تحمل الخسائر الناتجة عن العروض والخصومات، ويعود ذلك بشكل رئيسى إلى قوة الملاءة المالية لشركة أوبر وامتلاكها لإمكانيات كبيرة.
ومن المؤكد أن نتيجة هذا الصراع الدائر بين «أوبر» و«إن درايفر» ستضر بالمستهلك المصرى على المدى البعيد، لأنها ستمكن قوة واحدة فقط من احتكار السوق وتطبيق رؤية مفردة فى الأسعار.
وهنا يأتى دور الأجهزة الرقابية فى مصر، وتحديداً جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، الذى سبق أن تدخّل فى رفضه لصفقة استحواذ «أوبر» على «كريم» فى 2019، ولكنها تمت! وسبق أن اشترط لإتمام هذه الصفقة عدم ممارسة «أوبر» الاحتكار فى السوق المصرية، سواء فيما يتعلق بشروطها المطبقة على السائق أو العميل، ولكن السائقين والعملاء ينفون التزام الشركة الأمريكية.
وبالتالى لحماية سوق النقل التشاركى فى مصر، وضمان منافسة عادلة بين الجميع، ومناخ استثمارى مناسب، يكمن الحل فى ضرورة تدخل الجهات الرقابية بشكل فعال لمنع تسعير أى من الشركات، سواء «أوبر» أو «إن درايفر» فى هذه السوق لخدماتها بأسعار تقل عن التكلفة بغرض الإقصاء، حتى تنتقل المنافسة بعيداً عن «اختبارات القدرة على تحمُّل الخسائر»!