«الإفتاء» توضح حكم التطوع بالطواف بالبيت الحرام لغير الحاج أو المعتمر
الطواف -أرشيفية
يعد الطواف من العبادات التي يجازي الله فاعلها أجراً وثواباً عظيماً، وعلى ضوء ذلك ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول حكم التطوع بالطواف لغير الحاج والمعتمر، وتابع السائل، إن هناك شخصًا قد دخل المسجد الحرام لصلاة فريضة الظهر، وكان الوقت قبل الصلاة كبيرًا، فأراد أن يتطوع بطواف البيت، فهل يجوز له ذلك مع كونه غير قاصدٍ لنسكٍ من حجٍ أو عمرة.
التطوع بالطواف بالبيت الحرام
أوضحت دار الإفتاء المصرية أنّ الطواف بالكعبة المشرفة عبادة يثاب عليها المسلم؛ سواء فعلها على سبيل الوجوب والفريضة، أم فعلها على سبيل الندب والتطوع؛ قال تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: 26]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
ولفتت الدار إلى أنّ الحكمة من مشروعية التعبد بالطواف، هي إقامة ذكر الله تعالى؛ فعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو دواد في السنن، والترمذي في جامعه وصحّحه، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد.
الدليل على مشروعية الطواف
ومشروعية التطوع بالطواف ثابتة بالقرآن الكريم، والسنة النبوية المشرفة، والإجماع: فمن الكتاب الكريم: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158]. قال العلامة البيضاوي في "تفسيره": [﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ أي: فعل طاعة؛ فرضًا كان أو نفلًا، أو زاد على ما فرض الله عليه من حج أو عمرة، أو طواف أو تطوع بالسعي] اهـ.وقال العلامة أبو حيان الأندلسي في "البحر المحيط": [فيكون المراد: التبرع بأي فعل طاعة كان، وهو قول الحسن، أو بالنفل على واجب الطواف.
ومن السنة النبوية المشرفة: ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه - في قصة فتح مكة - قال: «أقبل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قدم مكةَ.. حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت» إلى آخر الحديث، وقال الإمام النووي الشافعي في "شرح مسلم": الابتداء بالطواف في أول دخول مكة؛ سواء كان محرمًا بحج أو عمرة، أو غير محرم، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخلها في هذا اليوم وهو يوم الفتح غير محرم بإجماع المسلمين، وكان على رأسه المغفر، والأحاديث متظاهرة على ذلك والإجماع منعقد عليه.