الوصاية على الأبناء.. صراعات وتصفية حسابات بين الأم وعائلة الأب
«أطفال قُصَّر» يعيشون معاناة فقدان الأب ومرارة اليتم وجشع وطمع الوصيّ
الوصاية على الأبناء.. صراعات وتصفية حسابات بين الأم وعائلة الأب
تزداد الحياة قسوة ومرارة بعد وفاة الأب الذى يمثل مصدر القوة والأمان لأسرته، ومع العيش فى حزن لم تنجح الأيام فى إخفائه، تصطدم بعض الأمهات بصراع طويل مع «الوصى»، الذى يتولى زمام الأمور بعد وفاة الأب، بحكم الشرع والقانون. أمهات عدة عشن قصصاً مأساوية مع «الوصى»، سواء من الجد أو العم الذى سعى لفرض سيطرته على الأم وأبنائها، وهناك من أُجبر أبناؤها على تغيير المدارس التى يتعلمون فيها والانتقال لأخرى أقل تكلفة، وهناك من استولى على أموال الأيتام القُصَّر وحرمهم منها، وجد آخر أجبر زوجة ابنه وأحفاده على العيش بمنزله وحرمانهم من بيتهم الذى كانوا يعيشون فيه مع أبيهم قبل رحيله.
مشاكل الوصاية على الأيتام القصَّر تزيد من قسوة الحياة على مَن فقد العون والسند، وبدلاً من أن يكون الوصى سنداً أصبح سيفاً مسلطاً على رقابهم من خلال المعاملة السيئة التى تؤثر على نفسية الزوجة والأبناء وتدمرهم نفسياً وتزيد من جراحهم وتضعهم بين شقى الرحى؛ فقدان الأب ومرارة اليتم من ناحية، وجشع وطمع الوصى وسعيه لإذلالهم والتقطير عليهم من ناحية أخرى. مجموعة من القصص المختلفة لأمهات حاولن فيها اللجوء إلى القانون، لكن الوضع بحاجة إلى إجراءات معقدة وطويلة، ولم يفلحن فى حلها أو الحصول على حقوق أبنائهن وإدارة أمور حياتهم بالطريقة التى يرون أنها هى الأنسب لهم، وتحولت بعض الأسر إلى أموات على قيد الحياة بسبب ما تتعرض له من مضايقات وتحكم فى أموالها لمجرد وجود وصاية عليهم.
«سمية»: بعت «دهبي» علشان أصرف على أولادي
لم تكن وفاة الزوج الذى أحبته، وتحمّلها مسئولية الأبناء بمفردها، الصدمة الوحيدة التى تعرضت لها، بل اصطدمت بواقع آخر زاد من المعاناة، وصعّب مسئوليتها فى رعاية أبنائها ومعيشتها، وهو «جد» أبنائها، الذى تولى الوصاية.
لم تمر سوى أيام قلية على «سمية. و»، بعد وفاة زوجها، وقبل أن يلتئم جرح الحزن على رحيل زوجها، حتى بدأ والد زوجها فى التحكم فيها وأطفالها بحجة أن لديه «الوصاية»، وقالت: «أول حاجة عملها استولى على أوراق الشقة اللى كنا عايشين فيها».
وتابعت «سمية» لـ«الوطن» أنها أُجبرت هى وأبناؤها على الانتقال للعيش فى البيت الذى يملكه الجد، وترك الشقة التى تزوجت بها، رغم عدم ارتياحهم فى المعيشة معه، مضيفة: «مش كده وبس، ده أخد العربية وبيستخدمها لنفسه دون موافقتنا، وهى أصلاً بتاعتنا».
المعاناة مستمرة، فالجد لم يقدم أى مساهمة مالية فى مستلزمات الأبناء سواء التعليمية أو المعيشية، وتتكفل هى وحدها بتوفير متطلباتهم، وقالت: «أنا اللى باشتغل وباصرف عليهم، وبعت دهبى علشان أكمل مصاريفهم، ولما هو مش بيصرف عليهم، غصب علينا ليه نعيش معاه؟!».
«سمية» تعيش حالة من الرعب خوفاً من أن يأتى اليوم الذى يطردهم فيه الجد من المنزل، خاصة أنهم لا يملكون أوراق الشقة التى عاشت فيها مع زوجها.
«جدهم» استولى على أوراق الشقة وأجبرنا
نعيش معاه.. وخايفة يطردنا بره البيت
وقالت: «أنا مش عارفة هو بيعمل معانا كده ليه، وباترعب من فكرة أنه ممكن فى يوم من الأيام يطردنا بره البيت، مش هنلاقى مكان نعيش فيه».
أكثر من مرة حاولت الأم الأربعينية الاستقلال بأبنائها من سطوة الجد، والعيش بمفردهم أو وفقاً لرغباتهم، لكنها دائماً تصطدم بإصراره على السيطرة الكاملة عليهم، لأنه «الوصىّ» بعد وفاة ابنه، وأضافت: «إحنا بقينا مش عارفين نعيش منه ولا من أسلوبه، وحياتنا متعلقة معاه من غير أى ضمان».
وتتمنى «سمية» أن تكون هناك ضوابط وقواعد تلزم «الوصى» بالاعتدال فى مسألة تولية أمر زوجة وأبنائها.
وتابعت: «مش من حق أى حد أن يجبر أم وأبناءها يعيشوا فى مكان تانى، أو أن يستولى على حاجات بتاعتهم، ويحدد لهم يعيشوا إزاى، دى كده مش حياة».