ناصر عبدالرحمن يكتب: شجرة الصور.. كل ما سبق وزيادة
ناصر عبدالرحمن
ساحة بلا أسوار.. ومطر وجبال وأطفال.. بيوت من الطين والصلصال.. وحبوب وطماطم وزرع ونخيل.. ضحك وكلام ووَدوَدة.. وصبح جميل وأزهار.. بيت داخله غرفة الكرار.. جبن وعسل وخبز وزيتون.. نار الفرن وبنية حمام.. وباب بجواره سلم على سطح السماء.. خيال المآتة وقناديل الذرة وبوص وحطب.. وغرفة نسميها رواق مغربية.. شمس حمراء داكنة تبكى «نور».. وقمر يستعد للظهور.. وصوت قرآن صبى يرتّل بجمال.. يقلد الشيخ رفعت والكل حوله.. يردد ويصلى على الناصر الرحيم.. وصبة الشاى خرير فى الأكواب.. وعتاب ونظرات حب.. حتى تبدلت الأحوال.. خبط على الجدار.. وهل يثقب بالحق جدار.. يؤجر من أبى الجوار.. يسرق بعدها منا الطعام.. يسترق سمعه.. يلاحظ أوقات السمر وأوقات الحصاد.. يشف ويطبع طباعنا.. ثم.. ثم.. ثم يشكك فى أوقاتنا.. لنؤجل الفجر للضحى فنسى النهار.
ضحك الجار وهو يهدينا كعباً عالياً.. لترتدى النساء كل قصير.. وتدخن الحشيش ليطول الضحك.. ونشرب من الخمر ونجدد به سنن الفرفشة.. ثم نعزل الدجاج والحمام ونسكن غرفة الكرار.. نسكب العسل ونحرق القناديل.. ونهدم بنية الحمام.. ثم نغلق الأبواب فى وجه الأرحام.. نناقش آباءنا فى الأقوال ونسخر من أحكامه.. ليس من التطور الاحتفاظ بالرموز.. وليس من المدنية التاريخ.. ولا نحفظ الخرائط ولا نؤمن بالجغرافيا.. وليس العلماء منا فكل العلماء أجانب.. إننا لا نصلح للريادة.. كل ما سبق وزيادة رددناه خلف جارنا.. الذى هجم على الأبواب.. سمحنا له بالشراب.. أسكران لا يدرى؟!.. أم نحن الذين طبع الخوف فينا؟!.. نشتكى.. نشتكى من أنه وأنه وأنه.. أنه يبيع لنا الخمر والحرير والنعيم.. وأنه يحكى نيابة عنا تاريخنا.. ويصور حكايتنا كما يراها.. هو الصادق وهو الذى لا يكذب.. هو صاحب النظام.. وهو المتقدم الذى يصنع.. لنا نظارات النظر.. نرى ما يراه هو.. وها هو.. يهدم البيت ويجتاح المدينة.
الحب يجعل الجذع ينحنى ويئن.. ويجعل السجن اليوسفى واحة تعبد.. يحول الضيم فرجاً ويسراً.. يجعل الحوت مخدعاً ليونس.. ويحول الأسير حراً.. بالحب تتجلى المشاعر وتزدهر.. يتآلف بالحب المختلف.. ويسكن المهاجر.. بالحب الكهف يعبر بالخائف الزمن.. الحب جامع يجمع سيدنا بلال بن رباح الحبشى وسيدنا سلمان الفارسى وسيدنا صهيب الرومى إخوة ونسباً محمدياً واحداً.. يجعل العرب والعجم صفاً واحداً كأسنان المشط.. بنية واحدة.. يبتسم المحمدى فى المدينة فيبتسم المحمدى فى مصر.. قلب محمدى واحد.. لا يفرق بين أبيض وأسود وأحمر وأصفر.. فهم محل النظر وموضع سكونه وحريته.. الحب سر بين الأحبة يسرى بينهم.. شفرة حاضرة تضىء القلوب.. الحب يصنع معجزات يومية.. يحول الصبر إلى ذكر.. الحب الإجابة عن الأسئلة.. بالحب يصبغ صبغته.. يغبطهم النبيون والصديقون والصالحون والشهداء والملائكة.. بالحب تمتزج وتتوحد وتأتلف.
بالحب الطفل يطلق عبارات الخلود.. وينطق الطير ويسبح.. ويذكر الحجر وينبت.. بالحب يشفَى المظلوم.. يجعل الصدق حالاً دائمة.. وبالعبادة وصال واتصال وسمر.. بالحب.. تشرق الشموس.. وتتبدل الطاقات وتنجلى.. بالحب تهون الآلام.. وتزول الفوارق.. وتثمر الأيام.. بالحب يصنع الرجال.. أطفال غزة رجال.. نساء غزة أبطال.. شبابها شهداء.. مستقبلهم مقدس.. والنظر إليهم عبادة.. بالحب أنت زاهد فى الناس.. وبالحب أنت فى خدمة الناس.. الحب مركز الإيجابية.. يشرق بك ويصحبك إليه.. الحب سجود لا قيام بعده.. توحيد للنور الواحد.. بالحب ترى الشهيد حياً.. والدموع رياً.. بالحب راحة وود وفناء.. النظرة حب.. النداء حب.. الحب شيخ وإمام محمدى خالص.